في مقاربة المسألة القومية

ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير: علي قاسم:

مع تواتر الحديث عن اجتماع أو مؤتمر قومي أو أياً تكن التسمية لحزب البعث، ثمة مؤشرات ومحددات تطفو على السطح وستجعل أي مقاربة للمسألة القومية رغم ضرورتها، خطوة مهمة، حتى لو تهيأ للبعض أنها مسير في حقل ألغام يصعب -إن لم يكن من المستحيل- تجنب كل ما فيه،

خصوصاً في ظرف سياسي واستراتيجي، قد يكون الأكثر خطورة على مدى قرن ونيف من الزمن، وربما يتجاوز ذلك، حيث المسألة لا تقتصر على حجم المخاطر ولا على مساحة الاستهداف، بل في سياق المحاولات التي تقودها حفنة وظيفية تصدرتها مشيخات الخليج وارتبط وجودها بمشاريع الهيمنة تروج للفناء والعدم، وللانتفاء والإلغاء.‏

الأخطر من هذا وذاك.. السياقات التي تفتح مشاريعها وأفكارها على تلك المساحة من الفناء والعدم لتقدم وجهة نظر تبدو حمالة أوجه تستجر بالضرورة «ردات فعل» تحتاج إلى توقف ولحظات تأمل طويلة وهادئة، ما يقتضي نقاشاً مستفيضاً في الخيارات والبدائل، وإعادة فرز لمكونات الوجود القومي ومتطلباته، وربما إعادة هيكلة لتموضع نقاط القوة والضعف، وتحديد دقيق للثغرات ومكامن الخلل القائمة، والعمل على إغلاق ما يمكن إغلاقه وفي الحد الأدنى التخفيف منها.‏

في مخرجات الواقع العربي ثمة حاجة قسرية فرضتها معطيات وتطورات أججت نظام التدافع الذاتي ليكون متدحرجاً على سفح التكهنات وهي تقود العمل الحزبي من طور إلى آخر، حتى بدا النقاش الجاد حول أدوارها الوطنية موضع «شبهة»، وربما منطلقاً لمنصات استهداف تغمز من قناة ذلك الدور، فيما كانت على المستوى القومي في مرحلة سبات أو موت سريري أجهزت على ما تبقى من نوافذ مشرعة يمكن الاتكاء عليها.‏

والسؤال الأكثر إلحاحاً كان حول ذلك الدور والحاجة الوطنية له في أزمات عصفت بالوضع العربي فرادى وجماعات وصلت إلى التشتت الذي فتح الباب أمام تغول الحالة المقابلة، وشهدنا استطالات مرضية كانت تشكل في معظمها قواعد قصف بإحداثيات واضحة الأهداف والمعالم وبأجندات مارست عدوانيتها إلى حد التوحش؟!!‏

المحسوم أن الحاجة لوجود الأحزاب على المستوى الوطني بلغت ذروتها، وكانت عامل ثبات دعم وجود الدولة الوطنية بمعناه القائم، بغض النظر عن التساؤل الذي يطرح حول توافر سماتها ومواصفاتها، وشهدت المرحلة التالية تآكلاً لمختلف نماذج التشكيلات الحزبية الهجينة القائمة على أسس مرحلية أو ظرفية، أو وفق عوامل غير وطنية مهما تكن الشعارات التي رفعتها، بل شهدت فراغاً هائلاً احتلته قوى وأطراف لا علاقة لها بالعمل الحزبي وإن تلبست بثوبه أو صارعت على مقعده الاجتماعي والفكري والثقافي.‏

على المستوى القومي تبدو المسألة أكثر إلحاحاً، بل أشد حاجة إلى بلورة مشاهد من التفاعل والتشكيلات ذات الارتباط العضوي، وإن اقتضت الضرورة ترك مساحة مرنة تتيح التحرك والحراك وفق اعتبارات تبدو ضاغطة، بل وتحمل في طياتها انزياحاً خطيراً لا يمكن التغاضي عنه أو تجاهله، وهو ما يدفع إلى الجزم بضرورة ترك ما اصطلح عليه «خط الرجعة» كسرد طبيعي في سياق المواجهة مع الأدبيات ذات الصبغة التبريرية والتي تحاكي في الظرف الراهن أعلى مراتب الضرورة. الظرفية الناتجة عن ارتدادات وتداعيات متسارعة يسعى بعضها بشكل محموم لإعادة ترتيب الأولويات على نحو مقلوب.‏

من هنا الفارق ليس فقط في سياق ما سينتج، بل في التحضير لأدوات المواجهة القادمة التي تحمل حتمية لا يختلف عليها اثنان، أساسها وجوهرها سيكون الوجود الحزبي، بل إن قوتها الضاربة هي التنظيم بأبعاد قومية لأن القوى المجتمعية التي خبرت مختلف التشكيلات والتنظيمات من الهلامية إلى الصلبة، وصلت إلى ما يشبه القناعة بأن أي تغيير ستكون أداته بالضرورة التنظيم الحزبي وأي مواجهة قاعدتها الصلبة الوجود الحزبي، وهو ما يظهر تباعاً في سلسلة الضرورات بطابعها المجتمعي كما هو في جانبها الفكري.‏

تجربة حزب البعث تحتاج إلى مراجعة.. هذا صحيح، ومقاربته للمسألة القومية تحتاج إلى مواجهة جادة وجريئة .. أيضاً محاكاة واقعية، لكن لا بد من النظر على أنه يحمل طابع الحتمية من منطلق الوجود القومي وأدواته وطبيعة المعركة القادمة، وهذا ما سنراه في التباينات القائمة مستقبلياً كما هو في مشاهد التجاذب بزواياه الحادة، وفي جوهر الفعل الذاتي لحركة المجتمعات العربية، التي وصلت إلى قناعة بأن زوبعة الخريف العربي قد أفلت، وإعصار اقتلاع الوجود العربي يصل نهايته، ما يدفع بالحتمية التاريخية والضرورة الظرفية والاستراتيجية إلى المقدمة لتكون عامل ضغط حقيقي وربما عامل التغيير الأهم، باتجاه إعادة التمسك بالأحزاب ودورها ببعديه الوطني والقومي.. وما يستدعيه من تجديد في الأدوات والرؤى.‏

a.ka667@yahoo.com ‏

 

آخر الأخبار
صندوق التنمية.. أفق جديد لبناء الإنسان والمكان "صندوق التنمية السوري"..  أمل يتجدد المجتمع المحلي في ازرع يقدم  350 مليون ليرة  لـ "أبشري حوران" صندوق التنمية يوحد المشاريع الصغيرة والكبيرة في ختام المعرض.. أجنحة توثق المشاركة وفرص عمل للشباب مدينة ألعاب الأطفال.. جو مفعم بالسعادة والرضا في المعرض في "دمشق الدولي".. منصات مجتمعية تنير التنمية وتمكن المجتمع كيف يستخدم شي جين بينغ العرض العسكري لتعزيز موقع الصين ؟ من بوابة السيطرة على البحار.. تركيا تصنّع حاملة طائرات تتجاوز "شارل ديغول" التداول المزدوج للعملة.. فرصة لإعادة الثقة أم بوابة للمضاربات؟! مواطنون من ريف دمشق: صندوق التنمية سيكون سيادياً سورياً الوزراء العرب في القاهرة: فلسطين أولاً.. واستقرار سوريا ضرورة استراتيجية عربية أهالٍ من درعا: إطلاق "صندوق التنمية السوري"  فرصة لإعادة الإعمار "صندوق التنمية السوري".. خطوة نحو الاستقرار الاقتصادي والسياسي الأمم المتحدة تؤكد أن لا حل في المنطقة إلا بقيام دولة فلسطينية "التقانة الحيوية".. من المختبر إلى الحياة في "دمشق الدولي" تقنية سورية تفضح ما لا يُرى في الغذاء والدواء انعكاس إلغاء قانون قيصر على التحولات السياسية والحقائق على الأرض في سوريا حاكم "المركزي": دعم صندوق التنمية السوري معرض دمشق الدولي.. آفاق جديدة للمصدّرين