المحاصصة الإرهابية وحروبها التمهيدية

ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير: علي قاسم:
تدخل حروب التصفيات التمهيدية بين التنظيمات الإرهابية ووكلاء الحرب مراحلها الأكثر سخونةً، والتي وصلت في بعض تفاصيلها إلى مستوى التحدي الوجودي، بعد أن اقتصرت في مرات سابقة على الاشتباك التكتيكي، أو اكتفت باستعراض فلكلوري للعضلات لم يتجاوز عتبات المساومة،

ولم يتخطَ حدود المناكفة على اقتسام النفوذ تبعاً للمناخ الإقليمي، أو وفقاً للظرف الذي يحتكم إليه مشغلوهم في الإقليم وخارجه.‏

اليوم تأخذ المواجهة أبعاداً لا تحتمل القسمة على اثنين، وصراعات لا تقبل أنصاف الحلول، وتديرها على الأغلب معادلات ناشئة من وقع الاشتباك الخليجي وأسواق المبازرة التي ترتفع أسهمها، ويتنافس الأميركيون والأوروبيون ومعهم التركي على المحاصصة السياسية فيها وفق تشظيات المشهد، وما تفرضه معطياته من احتكام قسري لعوامل الصراع مدفوعاً بلهب الحقد الدفين بين مشيخات تتراكم بينها خلافات وصراعات النفوذ على زعامة التنظيمات الإرهابية ومواجهة تتخذ طابعها الدموي على الأدوار الوظيفية.‏

ما يبدو جلياً حتى اللحظة أنَّ الاشتباك الخليجي يفرض إيقاعه ،و يعيد تدوير زوايا الحضور على الأرض من بوابة الإدراك بأنَّ المواجهة واستعار الخلاف يشكّل المعيار للصراعات القائمة، وأنَّ ما سبق أن هاودت فيه لم يعد صالحاً للاستخدام، حيث النصرة التي تخشى رفع الغطاء السياسي وإغلاق منابع التمويل القطري بعد أن تصدَّرت معضلة التمويل والمساندة المالية والسياسية القطرية للإرهاب عناوين المواجهة والصراع البيني، لم تنتظر تبلور نتيجة المواجهة ولا أسواق المبازرة الغربية الرخيصة في التناحر الخليجي، بل باشرت في فرض معادلة السيطرة على الأرض بإدلب في إجراء استباقي، لا تخفي فيه رغبتها في الاستثمار لاحقاً في معطياته وما ينتج عنه، ومحاولة يائسة للتعويض عن اندثارها في القلمون والغوطة..!!‏

الصمت المريب من تركيا عن التناحر الحاصل بين مستنسخات الإرهاب بما يحمله من حسم في الخيار يكمل حلقة الرهان على جبهة النصرة، ليكون لها الكلمة الفصل على سائر التنظيمات الإرهابية، بحيث لا يمكن لأيِّ طرح أو مبادرة أن يتجاهل الوجود المادي الفعلي للنصرة على الأرض، والتمهيد المسبق لتكون شريكاً لتركيا في أيِّ خيار قادم، سواء أكان تحت بند مناطق تخفيف التوتر، أم جاء بصيغة أخرى، حيث لا تخفي تركيا سعيها المحموم لتقديمها بمقاربة تختلف عن سائر ما تمَّ العمل عليه في آستنة وغيرها، وتشير المعطيات إلى أن سيطرة النصرة لم تكن خارج الحسابات القطرية التركية، بل تمثل أعلى درجات التناغم مع التطورات، وما قد تفرزه لاحقاً، خصوصاً أنَّ ما يجري من اتفاقات، كان من خارج الحسابات التركية، وأنَّ التنظيمات الموالية لقطر تواجه مصيراً لا تُحسد عليه.‏

على هذه القاعدة يمكن الجزم بأن حروب التصفيات التمهيدية تشكل القصف المسبق للمعركة الفاصلة المنتظرة بين التنظيمات الإرهابية، كأذرع تمثل الجهة الممولة والراعي السياسي، وتجسد عملياً الشكل الأكثر اتساقاً مع المحاصصة السياسية للدول المشغِلة لتلك التنظيمات، وما جرى في إدلب، لم يكن خارج تلك المعركة، بل في القراءة السياسية، قد تكون أولى معارك التصفيات النهائية بين المتسابقين على تزعم التنظيمات الإرهابية للفوز بقصب السبق في الرعاية والتوجيه والأجندة والأهداف والغايات.. تأجيجاً للتناحر الخليجي، ومحاولةً لتحسين شروط التفاوض، أو لتقوية أوراق المواجهة.‏

الاقتتال بين التنظيمات الإرهابية قد لا يكون أولى المعارك التفصيلية، لكنه إحدى المعارك الفاصلة التي ستكون أيُّ مقاربة بعدها مختلفةً إلى حدٍّ كبيرٍ عما كانت عليه قبلها، وتفتتح من خلالها منظومة العدوان فصلاً جديداً من فصول المحاصصة السياسية، وتفرضها حسابات ومعادلات التناحر القائم بين رعاة الإرهاب، سواء ما تراكم منه على خلفية التصادم الخليجي، أم ذاك المستجد في التباين بين الأجندات الإقليمية لرعاة الإرهاب وتلك الأوراق الدولية التي تعيد تموضعها، وتراجع الخرائط الإضافية للمواجهة، وما تمليه من صدامات خارج الهامش المعتاد.‏

فالقرار بوقف برنامج الاستخبارات الأميركية لتسليح ما تسميه المعارضة هو أحد الأشكال الإضافية على احتدام الصراع واختلاف المقاربات، وإن لم يكن الوحيد في ساحة مواجهة تتسع بما يكفي، وتمتد بما يفيض عن الحاجة، وتتداخل فيها الإحداثيات التي تفرضها وجهات نظر ومقاربات أميركية وغربية، تحاول الاجتهاد خارج نص العلاقة التقليدية التي رعت على مدى العقود الماضية التنظيمات الإرهابية بالتوافق والتنسيق إلى حدِّ التطابق.‏

a.ka667@yahoo.com ‏

آخر الأخبار
اكتمال وصول الحجاج السوريين إلى أرض الوطن ندوة علمية لضمان استدامته.. النحل يواجه تحدياً بيئياً ومناخياً مشاريع إنسانية غزلتها بروح الحاجة.. العجة لـ"الثورة": التعليم هو المفتاح لإطلاق الإمكانيات احذروا " فوضى " الأدوية .. خطة رقابية جديدة وهيئة موحدة للمستوردين الاقتصاد الحر كيف سيدير المشاريع الصغيرة؟    امتحان اللغة العربية يختبر مهارات طلاب المعلوماتية الذكاء الاصطناعي في الإعلام.. بين التمكين والتحدي التحوّل لاقتصاد السوق الحر.. فجوة بين التعليم المهني ومتطلبات الاقتصاد الجديد وزير الاقتصاد يطرح رؤية سوريا للتعافي الاقتصادي في مؤتمر "إشبيلية" قلوب خرجت من تحت الأنقاض مازالت ترتجف... اضطراب ما بعد الصدمة يطارد السوريين في زمن السلم عادات موروثة خاطئة تتبعها نسوة في ريف إدلب لعلاج اليرقان الوليدي 16 مليون سوري بحاجة ماسة للمساعدة.. الأمم المتحدة تطلق نداءً عاجلاً الغاز يودع التقنين بعد إلغاء العمل بنظام "البطاقة الذكية" ضخ المياه من سدود طرجانو والحويز وبلوران باللاذقية  ألمانيا تقدم دعماً مالياً إضافياً لمبادرة "غذاء من أوكرانيا لسوريا"   بريطانيا تجدد التزامها بدعم العدالة وتعزيز سيادة القانون في سوريا  أزمات فنية وتقنية في أجهزة  "وطني" السويداء ... والكوادر تطالب بتدخل عاجل من "الصحة"   لقاء اتحادي التجارة السورية والخليجية..  الشرقي: سوريا تمتلك فرصاً استثمارية واعدة   دعماً لاستقرارهم.. مشروع لإعادة تأهيل مساكن الأطباء بحلب  ورشة عمل مشتركة بين وفدي دمشق وريفها وأمانة عمّان لتعزيز التعاون