ثورة أون لاين- بقلم رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم: قال السوريون أمس كلمتهم.. وضعوها في صندوق الاقتراع برسم الأمانة التاريخية، وهم يعبّرون عن الإرادة التي جمعتهم تحت رايتها.. واليوم ستكون الوثيقة الجديدة في النتائج التي ستعلنها تلك الصناديق. تلك كانت رسالة السوريين، لم تقتصر على إقبالهم اللافت على صناديق الاقتراع! بل تعدتها إلى حيث يرسمون مستقبلهم من خلال تلك الإرادة الواثقة بأن خطواتهم الموعودة تترجمها هذه الوحدة الوطنية والوعي الشعبي بما تعنيه وما تمليه من استحقاقات. كثيرة هي الظواهر اللافتة التي يمكن تسجيلها، وكثيرة هي الدلالات التي كرّستها رؤية السوريين وقرارهم الواضح والصريح عبر هذه المشاركة في الاستفتاء على دستورهم الجديد، والأكثر منها ربما المعاني التي تكرّست، إذ لا أحد ينكر أن السوريين كانوا بحاجة لهذه الفرصة.. وكانت رغبتهم حاضرة في التعبير، وقد جاءت في الكثير من دلالاتها عناوين جديدة تستحق أن تسجّل في الذاكرة السورية. لا شك أن التجربة تستحقّ التأمّل.. بل التمعن والقراءة الدقيقة والفاحصة لكل مدلولاتها، وتستحقّ أيضاً أن تكون موضع دراسة عميقة، ولاسيما حين كانت تسجّل اختراقاتها في العناوين كما هي في التفاصيل. فإذا كان دستورهم الجديد يحاكي أفضل النماذج الموضوعة وأرقاها، فإن التعاطي معه كان على المستوى ذاته سواء في الأداء الذي شكلته الممارسة الديمقراطية، أم في طريقة التعبير عن المشاركة في الاستفتاء عليه. لا نعتقد أنه من المجدي الدخول مرّة أخرى في الجدل وقد حسم.. ولكن من الواضح أنه عرّى إلى حدّ بعيد تلك الحملة وأدواتها الرخيصة.. بل أفصح عن حجمهم ومساحتهم ونظرة السوريين إليهم.. وردة الفعل على طروحاتهم.. وجاء القرار واضحاً في الرفض, والأهم كان الخيار في تحديد ما يحتاجه السوريون وما يعملون من أجله، وبالطريقة التي اختاروها دون سواهم.
هكذا كان السوريون على مدى أيام الأزمة.. لكن في استفتائهم أمس قدموا دليلاً آخر على أنهم دائماً.. أبناء هذه الأرض.. ورثة هذه الحضارة العظيمة.. حماة هذه القيم التي شعّت على العالم.. وسيبقون كذلك.. رغم ما ألمّ بهم.. وما يتعرضون له.. رغم سطوة الحرب الكونية وضجيج قادتها وصخب أدواتها ومرتزقتها، أثبتوا من جديد أنهم مع خيارهم الوطني..وبتطلعاتهم المشروعة يبنون سورية التي يعملون من أجلها.
خطّ السوريون رسالتهم، وبالطريقة التي تعبّر عن إرادتهم.. وتعكس تجذر هذه الإرادة في وجدانهم، حين كانت صناديق الاقتراع شاهداً حياً على ممارستهم الديمقراطية، ودليلاً دامغاً على مقدرتهم الحقيقية في كسب الرهان مهما كان وتكن الظروف.
رسالة لم تكتفِ بكونها واقعاً يحاكي جملة التطلعات المشروعة فحسب، بل أيضاً في الدلالة السياسية، والتي تنطوي عليها، حين أملت وبكل وضوح معطياتها لتكون تدشيناً لمرحلة لها معانيها وأهدافها! بعد أن حسم السوريون عملياً بأنهم وحدهم من يقرّر.. وكيف يقرّر.
لم يكن مشهد الإقبال الشعبي اللافت بحاجة الى تعليق أو شرح.. وقد شرحت كلمات السوريين المتوافدين إلى مراكز الاستفتاء إلى حدّ الإسهاب وكانت خير تعليق!!
a-k-67@maktoob.com
المصدر: الثورة