في تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست تم الافصاح به عما ألم باليمن من مجاعة مردها إلى السياسات الرعناء التي نهجتها المملكة السعودية وحلفاؤها تلك الدول التي تقع المسؤولية الرئيسية عليها في الوصول إلى هذا الواقع.
لقد كانت السياسات الاقتصادية المتبعة حيال اليمن السبب الرئيس في ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة ناهزت 137% إذا ما اعتمدنا بداية النزاع أساسا لهذا الارتفاع، ذلك ما أكدته تقارير أصدرها برنامج الغذاء العالمي الأمر الذي جعل اليمن يسير في منزلق خطير نحو المجاعة.
ففي محاولته لتضييق الخناق على جماعة أنصار الله عمد التحالف السعودي الذي يتولى دعم الحكومة القائمة في عدن إلى فرض قيود صارمة على استيراد المواد إلى هذا البلد دون أن يستثني من ذلك المواد الغذائية أو الدواء أو الوقود، تلك المواد الضرورية التي لا يمكن البقاء بدونها، وكان ارتفاع أسعار الوقود سببا رئيسا في ارتفاع أجور النقل مما انعكس زيادة في أسعار المواد الغذائية.
من المعلوم بأن التحالف يسيطر بشكل تام على حركة السلع والخدمات والأشخاص سواء في البر أو البحر أو الجو أو أي توجه إلى شمال اليمن، تلك المنطقة التي يعيش بها ما ينوف عن 80% من السكان اليمنيين. وكان لوضع ضوابط مشددة في دخول المواد الأثر البعيد في عدم وصول الامدادات من المواد الغذائية والوقود والسلع الأخرى مما أفضى إلى زيادة كبيرة في أسعارها.
لقد كان للحرب القائمة دور مدمر ذلك لأن ثلث الغارات الجوية من أصل 18000 ضربة التي نفذها التحالف قد استهدف بها مواقع مدنية بما تضمه من مصانع ومزارع وأسواق ومحطات لتوليد الطاقة ومستودعات للأغذية وفقا للبيانات الصادرة عن «مشروع المعلومات اليمني»، إذ دمرت تلك الهجمات الكثير من الأعمال الانتاجية وخاصة الغذائية منها فضلا عن الصعوبات التي تجابه عمليات وصول المواد إلى المستهلك مما أدى إلى تضييق الخناق على سبل عيش الشعب اليمني كافة.
وتعتبر المملكة العربية السعودية وحلفاؤها وداعموها مسؤولين بشكل مباشر عن المجاعة التي يتعرض لها الشعب اليمني ولا يمكن لأحد أن ينفي ذلك، يضيف معدو التقرير لقد قمنا بتوثيق هذا الواقع المرصود لعدة سنوات، وقدمنا في ذلك تقريرا عما سبق أكدنا به أن الكارثة القائمة في اليمن هي من صنع الإنسان المتمثل بذلك التحالف وعلينا أن لا نجد حرجا من القول بأن التحالف السعودي والولايات المتحدة هما المسؤولان عما يحدث في اليمن.
وفي هذا السياق، قال أليكس دو وال في كتابه «المجاعة الجماعية» بأن الناس قد يتعرضون للجوع، لكن ثمة حالات يتم بها تجويعهم عن عمد من قبل جهات أخرى. ومن المؤكد بأن ما ينطبق على اليمن هي الحالة الأخيرة حيث نجد السعودية وحلفاءها بدعم من الولايات المتحدة يعملون جميعا في تطبيق تلك السياسة على اليمنيين.
يقول دو وال في كتابه بأن تنفيذ المجاعة على شعب معين يتطلب بذل جهود كبيرة في العصر الحديث، ذلك لأنه يحتاج بالضرورة إلى قرار سياسي يمكّن من تحويل الكارثة إلى مجاعة جماعية. ومن أجل خلق الظروف المناسبة لتحقيق المجاعة تبذل حكومات بعض الدول قصارى جهودها للتمكن من عدم وصول الغذاء ومستلزمات الحياة إلى الناس المستهدفين.
ثمة قاسم مشترك يجمع بين ممارسة الوحشية وفرض المجاعة هو كونهما «مشروعان سياسيان لا يأخذان بالاعتبار ما يتعرض له المستهدفون من كونهم بشرا يستحقون الحياة». فالتجاهل السافر الذي يمارسه التحالف السعودي لأرواح اليمنيين قد بدا على نحو واضح وجلي ولا يمكن إغفاله على مدى السنوات الثلاث الفائتة.
استطرد دو وال القول بأن المجاعات قد تحدث مع توفر الغذاء وذلك لأسباب أخرى قد تكون مادية تحول دون حصول الشعب عليه. كما وقد تحدث المجاعة جراء انتشار سوء التغذية الذي يزيد من إمكانية انتشار الأمراض الوبائية.
أما في اليمن فإن المجاعة قد جاءت جراء السياسات التي اتبعها التحالف السعودي الذي ما انفك يعمد إلى رفع أسعار الغذاء مما يجعلها بعيدة عن متناول غالبية السكان الذين يعيشون في فقر مدقع نتيجة انهيار الاقتصاد.
إزاء ذلك يمكننا القول بأن السياسات التي تتبعها السعودية وحلفاؤها في اليمن بدعم من قبل الولايات المتحدة في حال استمرارها على هذه السوية من التضييق والحصار الشامل فإن المجاعة في هذا البلد ستتفاقم وستقود إلى كوارث لا تحمد عقباها.
ليندا سكوتي
التاريخ: الجمعة 4-1-2019
الرقم: 16876