تخلي الولايات المتحدة الأميركية تاريخياً عن أدواتها العميلة في مختلف بلدان العالم التي استعمرتها أو غزتها أو احتلت جزءاً من أراضيها ليس حدثاً جديداً ولا استثنائياً، وخصوصاً بعد أن تستثمرها على أوسع نطاق وتنفذ بها غاياتها، لكن الجديد في الأمر أن مثل هذه الأدوات العميلة لم تتعلم من دروس الماضي والمستمرة إلى حاضرنا اليوم.
ومناسبة الحديث اليوم عن التخلي الأميركي عن الأدوات والعملاء والعبث الأميركي بكل من تستخدمه واشنطن لتنفيذ غاياتها هو مصير عملاء واشنطن على الأراضي السورية ولاسيما بعد قرار ترامب الانسحاب السريع من سورية والتخلي عن أدواته كقسد وغيرها ممن كان البيت الأبيض يطلق عليهم اسم المعتدلين.
وهذا التخلي عن قسد وغيرها وترك هذه التنظيمات المتطرفة والعميلة لمصيرها لا يحتاج إلى كثير عناء لفك شيفرته أو معرفة أسرار طلاسمه، فمتزعمو هذه التنظيمات الإرهابية أنفسهم أقروا بخذلانهم من قبل سيدهم الأميركي وتركهم لمصيرهم المجهول.
المفارقة الصارخة أن بعضاً من هؤلاء المتزعمين مازالوا يراهنون على الحماية والرعاية الأميركية رغم كل الطعنات التي تلقوها على يدي واشنطن، ووجدوا في تصريحات السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام التي أكد فيها أن ترامب مستعد لإبطاء انسحاب قوات بلاده من سورية وأن بلاده لن تتخلى عمن سماهم «حلفاؤها» ضالتهم التي ظنوا أنها ستعيد لمشاريعهم التقسيمية الحياة، من دون أن يدركوا أن من يبع ضميره الوطني سيبق متعلقاً بأي قشة كاذبة حتى ولو جاءت من سيده الذي تخلى عنه مراراً وتكراراً.
أحمد حمادة
التاريخ: الجمعة 4-1-2019
الرقم: 16876