هناك حيثما يسطع الضّوء, من وراء حُجب الرُّوح ربّما, من وراء ضحكات تتوزع رغم الجراح..
تتوزع.. و يسطع الضّوء خبراً من زعتر الأزمان..
من أزليّة الشّوق إذ تشتاق.. من وقتٍ ضائع المحبة يبحثُ عن أرغفة الخبز, عن أرغفة الكلام.. هناك حيثما يسطع الضّوء لا شيء يُشبه جماله, جمال بزوغه الأول, لا شيء يُشبه صلوات و دموع تُذرف محبةً به..
هناك حيثما يسطع الضّوء تراتيل حبًّ من تنوّر الفقراء..
من خوف الأماني التي تستلقي في أعالي الجبال, تستلقي قمراً دافئ الأعياد, ميلاده لم يأتِ بعد.. ولم تُكتب قصيدته بعد «قصيدته العصماء»..
هناك يسطع الضّوء يمسسنا نور الماضي وخبره الآتي..
وتمسُّ ذواتنا قرنفلة الأشواق, وتأتي إلى شطٍ يبكي غياب الأحبة..
يبكي غياب ضحكاتهم, حيثما القرنفلُ, لا تُكتبُ له قصائد من العطرِ ولا تبتسم له أزمان الرتّقِ, أزمان الرتّقِ و ما أجملها!..
هل تعودُ يوماً؟.. وتأتي إلى حواكير أرواحنا المتعبة ربّما, من قصة عشقٍ..
من قنديل يتيم المحبة, حزين الودِّ.. هناك حيثما يسطع الضّوء..
من عفوية الأيام الصادقة الصدوقة, من طهر الجراح التي تبحثُ عن بلسمٍ ما, عن أناشيد الطفولة الباقية..
تبحث ُعن وجد الأيام حيثما «السرّ وأناشيد الكوثر», حيثما غربة الحال وقزحية الأشياء, التي نبكي فقدان شعاع ألوانها..
ولا نمتلك إلاّ كوثر شهدها المُعتّق ربّما بشيءٍ يشبه تواريخ الزمن الفائت أو ربّما القادم إلى ساعة أيامنا تلك..
من هناك يسطع, من وراء ذاك السفح الأخضر, نلمحُ نورانية الأيام, نلمحُ نجوما مسافرة تسألُ عن حالها, عن فيافي غربتها.. عن هطول العبير وإن هطل.. تسألُ عن فحوى السؤال و إن تقدّس سرُّ الجواب..
و إن لمحت سنا أقماره, و إن لُمحت سنا الأشياء التي تدور حول أزليّة الجوهر الذي كان..
تدور كزهرٍ مُعتّق الأحزان, يلبسُ عنفوان الأكفان, حيثما الأخضر واستبراق الزُمرّد, حيثما الغيم و جماله, و نرجو منهما قطرة ما, نرجو قطرة حبٍّ, نرجو والقمح يبدو حزين الأيام, حزين الأناشيد, حروفه هربت من هذا الزمان أو ذاك.. هربت مثلنا, ليل لم تعد تقمرُّ فيه المواعيد..
كأنّه ليلٌ جاحد الأشواق, يتيم الأمنيات, لو نلمحه؟..
أو نلمح وشاحه ويُطّرز بشيءٍ من نبل الصبحِ الذي نأمله..
لو نلمحه يأتي بلا مواعيد, ذلك الضّوء لو يقترب منا قليلاً..
لو يحادث أشواقنا, جراحات عمرٍ, آهاته تبدو سرمداً مقبلاً..
من حيثما نوافذه الممتدة شرقاً وغرباً..
الممتدة من حيثما يسطع الضّوء, «أي كيفما يسطع» من وجع المساكين, «مساكين الأرض ربّما».. ومن طحين خبزهم التائه أو الضائع بين انة كل مجروحٍ, وحلمٍ يعتبُ على قسوة الأيام, هناك حيثما يهلُّ و تطلع بشائره..
تباشير صبحٍ, نجمته الفتية تُسمّى «نجمة الحياة»..
وشجرته تُعلّق عليها أقمار العيد.. أقمار الذاكرة والتذكار الذي ولدَ منذ أزمنة الطين الأول.. حيثُ أزمنة ذاكرة الطين وما أجملها؟
تُضيء صنوبر الأشياء الجميلة, وعتق المرام الأزليّ
حيثما رياحين الوقت الممتدّ إلى أقاصي الوهج «أقاصي وجع الحنين» إلى أنهرٍ لم تُغيّر درب سيرها الأول و الأخير.
لم تُغيرها ما بقي لها من ملابس العيد.. من أشياءٍ عالقات الثوب المخمل بثوبي, وثوب الأيام.. عالقات بحزن الحبق إذ يسألُ عن أولياء له.. عن أولياء عشقه, أولياء عزمه.. حيثما ننتظر قداسة الوقت المزدهي جمالاً..
ننتظر قداسة الحنين المزدهي تألقاً وألفة ً..
ننتظر أن يُشرق الحنين وهّاجاً كيفما «يسطع الضّوء وظلّه العظيم»..
منال محمد يوسف
التاريخ: الجمعة 4-1-2019
الرقم: 16876