بعيداً عن تنبؤات المنجمين والفلكيين حول سورية فإن منطق الأمور يقتضي بأن تشهد القطاعات المختلفة تطوراً إيجابياً في مستقبل الأيام يوازي حالة الأمن والاستقرار الآخذة في الاتساع تدريجياً لتظلل مختلف ربوع الوطن، وبلا شك فمن أكثر القطاعات ارتباطاً وثيقاً بحالة الاستقرار تلك هو قطاع السياحة.
السياحة العلاجية التي أصبحت خلال العقود الأخيرة محط اهتمام الدول لأهميتها الاقتصادية البالغة وزيادة الطلب عليها كان لسورية شهرة عالمية كبيرة فيها حيث تألقت منذ القرن السابع الميلادي نظراً لما تتمتع به من مقومات ونقاط قوة من مياه طبيعية ومعدنية وكبريتية والطين الكبريتي وأشعة الشمس والإرث التراثي وغيرها، يمكن رصد آثارها من خلال الحمامات المتناثرة والمشافي العريقة. يضاف إليها في عصرنا الحالي السمعة الحسنة للطبيب السوري والتفاوت الكبير في تكاليف الخدمات الطبية المقدمة في سورية مقارنة مع الدول الأخرى..
الجهات المعنية تنبهت إلى ذلك فقامت وزارة السياحة قبيل الأزمة بطرح عدد من مواقع السياحة العلاجية للاستثمار السياحي كينابيع المياه الكبريتية في بعض المحافظات، ولا يخفى على أحد الأضرار البالغة التي أصابت قطاع الصحة عموماً خلال سنوات الحرب والتخريب الذي نال من المنشآت الصحية إضافة إلى خسارة الكثير من الكوادر الطبية المؤهلة وهجرتها للخارج والتي تعد أحد المقومات الرئيسية لنهوض هذا القطاع.
اجتماع الحكومة بالأمس حول بلورة واعتماد إحداثيات واضحة للتنمية الشاملة والمتكاملة في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها بلادنا وتتركز فيها تطلعات دول وشركات كبرى لضخ الأموال والتوظيفات في سورية المقبلة على ورشة عمل لإعادة الإعمار باعتباره مشروعاً وطنياً ذا أولوية متقدمة يضع الكرة في ملعب وزارة السياحة وكافة الجهات المعنية معها (كما باقي القطاعات) لوضع خطة عمل متكاملة تستهدف توفير بنى تحتية ومدن طبية تقدم الخدمات الطبية المتطورة وفقاً للمقاييس العالمية ووضع برامج لتسويق سورية في الخارج كل ذلك بما يرقى بالسياحة العلاجية إلى مستوى الصناعة الوطنية ويوفر الأرضية المناسبة والقوية لسياحة علاجية منافسة.
هنادة سمير
التاريخ: الأربعاء 9-1-2019
رقم العدد : 16880