عندما يكون تكريم المبدعين قائما على أسس موضوعية وعلمية صادقة دون أي انتقائية أو محاباة أو اصطفاف.. فإن ذلك خلال بضعة عقود سيؤسس لمجتمع يكون المبدعون فيه شموسا تبدد مساحات الظلام الفكرية والثقافية والتربوية التي أصلتها بعض العادات عبر قرون طويلة.
تكريم المبدع عبد الكريم الناعم, يجب أن لا يكون طفرة, ولا سحابة صيف عابرة,بل يجب أن يكون بندا ضمن خارطة مكتملة لمجتمع يتطلع إلى الحضارة التي يقودها الفلاسفة والمفكرون والمبدعون الوطنيون.
كتاب جديد صدر عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق تحت عنوان (عبد الكريم الناعم مبدعا وشاعرا).
يضم الكتاب ثمرة أقلام شعراء وكتاب ومبدعين ونقاد قالوا كلمتهم في شعر الشاعر المكرم, وعده الدارسون والنقاد السوريون والعرب من شعراء الحداثة الذين برزوا في ستينيات القرن الماضي.
الناعم: دعي إلى العديد من المهرجانات والندوات والمؤتمرات الأدبية داخل القطر وخارجه, مصر, الجزائر, الأردن, تونس, لبنان, اليمن, تركيا….
نشر قصائده ودراساته وزواياه في العديد من مجلات وصحف سورية وعدد من الأقطار العربية, يكتب الشعر والنقد والزوايا الأدبية الاجتماعية والسياسية الفكرية.
صدر له تسع عشرة مجموعة شعرية, وكتابان في النقد التنظيري والتطبيقي, وكتاب (شعر وعتابا) باللهجة المحكية البدوية, وكتاب مدارات – سيرة زمن, من الطفولة حتى الثامن من آذار 1963.
إن عبد الكريم الناعم بقي وفيا لإحساسه الفطري, بعيدا عن التكلف, قريبا من القلب, شعره بوح, وبوحه شعر, وكثيرا ما تمتزج وقائع حياته اليومية وتفاصيلها بشعره من دون رتوش, ومن هنا تتجاوز النزعة الواقعية الصرفة مع نزعة التخييل بأعلى تجلياتها في القصيدة الواحدة ذاتها, هذا ما قاله المبدع نذير جعفر في تجربة الشاعر الناعم.
أما الناقد يوسف مصطفى: نوه أن عبد الكريم الناعم في كل ما قدم من شعر كان يطور قاموسه الشعري ويقارب الحياة وشؤونها.. لم يكن رجلا متفائلا.. لكن كان يحمل في داخله الأمل والرجاء.. التقدير لكل ما كتب من زهرة النار.. وتنويعات على وتر الجراح.. وعنود.. وأمير الخراب. ومن ذاكرة النهر ومائدة الفحم وحريق الحانة ومهرجان الأبواب… كلها تحتاج الوقوف والتأني والقراءة الباصرة لتفتح عوالمها وجماليات اشتغالها.
الكتاب من إعداد د. نضال الصالح رئيس اتحاد الكتاب العرب الذي قال: عبد الكريم الناعم شاعر صوت إبداعي بنفسه لا بسواه, أعني نسبة هذا الصوت إلى الناعم وحده, ففي قصيدته, بل في نصه الشعري على نحو أدق لأنه استطاع تخليص الكتابة الشعرية من تقاليدها المتواترة, الكثير من السمات التي تميز تجربته من سواها مما ينتمي إلى ما سبقها من تجارب, وإلى جيله نفسه, ومن ذلك طواعية اللغة لديه في بناء علاقات, لا علاقة واحدة, بين مفردات لتصير هذه الأخيرة تركيبا, وليصير هذا الأخير جملة شعرية, علاقات تحقق الشعرية بمفهومها النقدي لا بمفهومها الفني, وتستعيد للشعر جوهره الذي أصابه الصدأ أو يكاد في زحمة التجريب, المجاني غالبا, والمستغرق غالبا في لجج تقليد الآخر غير العربي, وإلى الحد الذي يمكن القول معه إن ما أنجزه الناعم في هذا المجال كان عربي الوجه واليد واللسان, على الرغم مما يتجلى, في هذا النص أو ذاك, من استثمار واضح لمغامرات ذلك الآخر, بل من وعي حصيف بها.
علاء الدين محمد
التاريخ: الاثنين 14-1-2019
الرقم: 16884