يبدو الحديث عن تحدي أو صمود أو صبر المواطن ومفردات من هذا النمط تثير حنقه ،بعد أن كانت لسنوات تحفظ رباطة جأشه وتشحنه بمزيد من الشجاعة والجرأة والقوة لمواجهة تداعيات الحرب ،اليوم غدت هذه التوصيفات تثير قلقه لطمع حكومي بمزيد منها ريثما يقبضون على طوق النجاة من اختناقات حياتية وضغوط معيشية جراء غلاء أسعار ومعاناة شتوية قاهرة في انتظار قلق لتأمين متطلبات حياتية تبدد الوقت وتختلس من اللاهثين صبرا جميلا تحت وطأة مناخ متقلب ،وخرق البعض لقانون الاحساس والشعور بالآخر «بالقوة لا بالمروة».
ضغوطات بالجملة يعانيها المواطن السوري بشكل عام ، ولكن ليس معنى هذا أن صموده وصبره نفق ،وأنه خسر رهان التحدي وأفلس التدبير والتدوير والترشيد ومل الانتظار ..وصارت صفر نفسيته …
المواطن السوري يتنفس اليقين أن غدا أجمل وأن التحدي والصمود والصبر انتماء وطني ، ووفاء لمن سالت دماؤهم الطاهرة على أرض الوطن ليبقى عزيزا شامخا ،ولكنه لا يتقن التبرير لمن هم في مواقع المسؤولية وأصحاب القرار بحجة أنه ليس بالإمكان أحسن مما كان ،ولا يجيد فن التسامح مع جهود لا ترقى إلى مستوى معاناة المواطن التي أودت بحياة أكثر من أسرة لم يكن دفء الأدوات البلاستيكية والنايلون والملابس المهترئة التي احترقت في المدفأة ،عفا بل كان موتا محتما .
وحتى لا تفهموننا غلط ،المواطن لا يريد زيادة راتبية إن كانت كما يرى بعض المحللين استدانة من الأجيال المقبلة ،وهو على علم ودراية أن زيادة الأحمال على الشبكات هي السبب في الانقطاع المتكرر خارج ساعات التقنين الطويلة ،وأن تجار الأزمة افترسوا الأخضر واليابس ،وسمع بتحرك حكومي على وقع تفاقم أزمة المشتقات النفطية ،دون صدى يذكر .
ما يتمناه المواطن تحديا حكوميا يدعمه ماديا ونفسيا ،يليق بالنصر السوري ،وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم .
رويدة سليمان
التاريخ: الأربعاء 23-1-2019
رقم العدد : 16892