لم أنس منظر ذاك الطالب وكيف خطف لون وجهه حين طلبت إدارة المدرسة استدعاء ولي امره ،فمنذ سنوات خلت لم يكن الأمر سهلا ولا عاديا عند ذاك الطالب وغيره من أقرانه. بل ربما يعتبر من الكبائر السلوكية ،حين ينظر الأب بعيني ابنه المخطئ ، وهذه قد تكون حالة من الحرج التربوي المؤثر .
اليوم ومن خلال العلاقة التراكمية بين الأسر وإدارات المدارس التي رسختها جلسات التوعية من خلال اجتماعات مجالس اولياء الأمور التي كانت تعقد بصيغة شبه منتظمة قبل العام 2011. هذه المجالس التي عادت إلى الحضور بعد غياب لأكثر من سبع سنوات في معظم مدارس القطر لم يكن يقتصر دورها على مناقشة سلوك الابناء ومشكلاتهم اليومية وما يعانيه كلا الطرفين , أهالي ومدرسين ومدرسات، وإنما تعدى ذلك إلى برمجة آليات التعاطي من حيث كيفية التعامل مع الأبناء الصغار والكبار ، كيف يكون الحوار مقنعا وبناء، أن تكون اللهجة ونبرة الصوت فيها شيء من الحنان إلى جانب الحزم ، وتعزيز الثقة باستمرار، رفع معنويات الابن والطالب على السواء ، من شأنه أن يخلق مسافة راحة نفسية وأمان شخصي بعيدا عن التوبيخ والاستهزاء الذي يسلب الشخصية بعض عنفوانها وهي مقبلة على الحياة بنفس المراهق وحلم اليافع وأمنية البالغ .
إن مجرد عودة انعقاد مجالس أولياء الامور في العديد من مدارسنا ، وتحمل المسؤولية المشتركة للنهوض بأعباء الواجب عبر الدور التكاملي للأسرة والمدرسة ، لاشك أنه يودع جزءاً من مساحة فوضى ولامبالاة عند الطرفين في ظل ظروف قاهرة لا ترحم ، وتقتنص كل فرصة للثأر من خارطة تربوية وطنية أهلت أجيالا كانت ومازالت قادرة على التضحية والعطاء ومحاربة مفردات أجندة راسخة بأوهام الجهل والتخلف ،مما يتوجب على الجميع أن تبقى التربية الوطنية والأخلاقية جسر عبور لكل تفاصيل حياتنا مهما اشتدت رياح التغيير البائدة .
غصون سليمان
التاريخ: الخميس 31-1-2019
الرقم: 16898