تــرامـب ينســـحب مــــن سوريـــــة علـــــى كرســــي « سيزر».. الكونغرس يتبنى الجيل الرابع من العقوبات .. وأحزمة السوريين على قياس صمودهم
في مشهد الانسحاب الأميركي من سورية يبدو إصدار قانون العقوبات «قيصر» على السوريين أمراً ليس غريباً خاصة أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب وبعد إعلانه نية الخروج من سورية, واجه عاصفة من الانتقادات بدأت من دولته العميقة أي أجهزة الاستخبارات , ومؤسسات الإدارة الأميركية ولم تنته بعد عند الحلفاء وأولهم اسرائيل التي فتحت عويل التصريحات على معادلة الخروج الأميركي من سورية وهذه الفرصة التاريخية التي قالت «تل أبيب» ان ترامب أضاعها بعد 8 سنوات من ضخ السموم الإرهابية والسياسية في الجسد السوري .. فما كان من الرئيس الأميركي الا أن جاء بالسموم الاقتصادية لينشرها في أجواء انسحابه والهدف على ما يبدو تخدير أعوانه قبل اعدائه والعزف على الأوتار الحساسة للحلفاء قبل الضرب على أمعاء الخصوم الاقتصادية ..
تبدو الحالة الإعلامية لقانون قيصر أكثر فعالية من القانون نفسه وارتداداته على سورية فالعقوبات الغربية سارية المفعول منذ بداية الأزمة وكان لنا تجربتها سابقا أكثر من مرة خاصة عام 2003 عندما ابتدعت واشنطن قانون محاسبة سورية , فالقارئ لسياسة واشنطن يعرف أن قانون العقوبات «قيصر» أو ما يعرف باسم سيزر ليس الأول من نوعه في تاريخ السلوك الأميركي تجاه سورية وتجاه كل أعدائها .. فهناك ما يسمى قانون معاقبة أعداء أميركا .. ولكن اللافت في «قيصر ترامب» قانون يترجم للشعب الأميركي على أنه لحماية» المدنيين السوريين».. فهل قطع طرق «الطاقة والمواد النفطية « الى الحياة في سورية من الانجازات «الانسانية للكوبوي» الأميركي.
مجلس النواب في أميركا صادق مؤخرا وبالإجماع على ما يسمى «قانون قيصر» أو «سيزر»، لتشديد العقوبات على سورية والدول التي تدعمها (إيران وروسيا) لمدة 10 سنوات أخرى.
وأيا كانت الخطوات اللاحقة لتنفيذ هذه العقوبات، فهذا لا يعني للسوريين شيئاً طالما أن العدوان الأميركي الاقتصادي مستمر منذ سنين ولم تستطع خلاله ادارة البيت الأبيض تمرير أهدافها في سورية أو تغيير سياستها المقاومة والداعمة لقضايا الحق في المنطقة والعالم .
أما الجديد في هذا القانون الذي هو اساساً موجود وقائم من العام 2014 في عهد الرئيس باراك أوباما – الجديد فيه – المدد الزمنية، أي أنه بدلاً عن سنتين مُدّد إلى عشر سنوات، ويطول حلفاء سورية والأشخاص والمصرف السوري المركزي، وقطاعات الطاقة والنفط وإعادة الاعمار.
ما تسمى» المعارضة هللت لقانون قيصر مايشي أن حتى هؤلاء يحاولون ابتلاع الرمق الأخير ما قبل التحولات الكبرى في سورية والمنطقة التي سيحدثها خروج واشنطن من سورية ولكن ..
قانونياً… فإن هذه العقوبات الاقتصادية تعدّ أحادية الجانب ومفروضة من قبل أمريكا على سورية، وهي لم تصدر عن مجلس الأمن لذلك فهي مخالفة للشرعية الدولية، لكن سورية استطاعت خلال السنوات السبع مواجهة عقوبات سابقة، من خلال الاعتماد على الاقتصاد الوطني المتنوع من زراعة وصناعة وخدمات، وكانت سورية من أقل دول العالم مديونية، وبالتالي كان قرارها الاقتصادي مستقلاً.
كما تم توقيع اتفاقيات مع الدول الصديقة، وفتح خط ائتماني مع إيران لتغطية النفقات الضرورية، والاعتماد على الاكتفاء الذاتي، بعد أن كانت سورية تصدر لأكثر من 80 دولة من دول العالم.
يرى المحللون الاقتصاديون أن الرهان المستمر على العقوبات ضد الدول لن يبقى في سويته التهديدية ففي مؤتمر مجموعة «البريكس» الأخير، طالبوا بإيجاد عملة بديلة عن الدولار، ومن خلال الوقائع يتبين أن الدولار يتراجع من انهيار إلى انهيار آخر، وخاصة بعد معرفة العالم بأكمله أن الدولار لم يعد مغطى بالذهب أو الإنتاج، بل ان أمريكا تفرضه بقوتها العسكرية، وهذا دفع هذه الدول للتنسيق بين بعضها البعض لمواجهة العقوبات، ومن الأمثلة الاتفاقية التي وقعت بين الصين وروسيا، بقيمة 52 مليار دولار ولـ10 سنوات بالعملات المحلية، وهي من أكبر الصفقات العالمية، في حين عقدت صفقات بين روسيا وإيران اعتماداً على مبدأ المقايضة للخروج من سيطرة الدولار، وكذلك بين الهند وروسيا بنفس المبدأ وبالعملة الوطنية.
لكن هذه لايعني أن هذه العقوبات لن تؤثر على السوريين وحلفائهم بل هي بقدر ما تضيق على حراكهم الاقتصادي بقدر ما تزيد من قيمتهم السياسية التي تعد المقاومة جوهرة تاجها وعلى الحكومة السورية أن تضع الخطط لمواجهة هذه العقوبات وأن ترتقي بأدائها بحيث تليق بهذا المواطن السوري العريق الذي صمم حزامه الاقتصادي على قياس صموده وقامته المقاومة.
عزة شتيوي
التاريخ: الثلاثاء 5-2-2019
الرقم: 16902