تعيش اللغة العربية الفصحى حالة من الحزن ولم لا: أليست لغة حية وتسعى للبقاء حية شأنها شأن أمتها ؟
تستنجد أصحابها بينما يلهو أصحابها في ادخال كل شئ اليها غصبا وعمدا وعن سابق اصرار معتقدين أنها لغة ستكون جديدة اذا شاركوا نسيجها بخيوط من هنا وهناك, لكنها اليوم وفي هذا الملتقى استعادت بعضا من ألقها بتربع الفصحى المنبر وحنينها الى الماضي عبر اقامة الملتقى الحادي عشر في مدينة سلمية وفي قاعة خان السلطان الذي لملم حجارة الماضي وبناه مرة أخرى قائلا: نحن لانفنى.
أضاء الملتقى على شخصية فكرية وقامة كبيرة في مجال البحث عن مكامن الفكر عبر التاريخ وتحقيق الكتب وهو الباحث مصطفى غالب الذي أثرى المكتبة العربية بالكتب التاريخية والتراثية وقدم الملتقى عرضا توثيقيا عن حياة الراحل /1923/1981/تحدث فيه كل من ولديه الشاعر مهتدي غالب وأثره على تكوينه الفكري والمعرفي ورئيس جمعية العاديات غالب مصطفى غالب الذي تحدث عن الكتب التي ألفها وحصوله على دبلوم الصحافة من القاهرة عام 1950 وتحدث القاص محمد عزوز عن حياته وتأسيسه لأول مجلة في سلمية عام 1955وهي مجلة الغدير التي كانت حديقة لأغلب الكتاب واسهام هذه الشخصية في النتاج المعرفي للمكتبة العربية.
استضافة الفصحى
قد نتلون في اللغة وقد ينتابنا بعضا مما يؤمن به الجيل في أنه: لاضير من ادخال عبارات غربية الى اللغة بقناعة أم بغير قناعة لكن وجدنا انفسنا في واقع لانحسد عليه حيث لم يعطى أحد لنا خيارات التدخل بل كان النوم في العسل حلما وعندما استفقنا اتضح أن الطوفان ابتلع أحلامنا ونحن غافون وأن عملية المد والجزر يكاد يحت ويقضم من لساننا ويضع العقدة فيه فلا هو قادر على ابتلاع الماء ولا قادر على لفظه فإذ بالبعض يصاب بالاختناق لكن غريزة البقاء تدفعه ليكون مقداما اكثر من غيره فينادي: تلك سلتنا لاتفرغي وبدونك الحضارة لاتسجل, والمحكي يتبدل بينما الفصحى قادرة على البقاء فلتبق يا حرف القاف.
كان ذلك لسان حال الشاعر اللبناني وائل ملاعب في أمسية شتائية باردة أضفى عليها الشاعر والحضور الكبير بعضا من الدفء, وقد شكل الشاعر فرقا في نهج القصيدة التي تكتب في زمن الحرب حيث اتضح أنها قصيدة تنشد الهروب من قمة الألم الى قمة الرومانسية بينما يتفق «ملاعب» مع ذاته وينشد قصيدة بلغة المقاومة ولغة الحزن على واقع تعيشه أمة مهزومة لكنه على يقين أنها أمة لاتموت.
عين على الوطن
من قصيدته حديقة وطن يقول:
ياوطنا أشبعنا علقم..
علمنا فوحدك من يعلم
أن الانسان اذا سلم سيقوده تجار ولصوص
رايات ترفع بالقمم منذ القدم
أوراق كفرت بالقلم.. أوهام تنسج بالحلم
فيدق لها الفجر الناقوس
وضمير الجمع المرتهن قد حلق بجناح الوهن
لاكفا يزرع أو يبني
لاماردا يخرج من فانوس رايات
ترفع بالقمم تتوسل أنظار الأمم
راع خاض صراع الهمم وقطيع الناس
كما الغنم أقدام تمشي بغير رؤوس
وعين على اللغة العربية
بدا الشاعر أنه على يقين من بقاء اللغة معيارا للحضارة, وان بعض الحروف تكاد تنقرض من لغتنا فأنشد للقاف قصيدة:
ياناطقا بالقاف قلها بلا خجل
فالقاف في قلب القوافي مقرها
والقول لابقضى قويما مرتجل
الا وقاف القاف قرا تقرها
قلب نطاق القواميس على عجل
قاوم قوانين السقوط وعرها
انطق بحق قبل أن يقوى الوجل
قول الحقيقة قد يقلل مرها
قف قديرا واغتني العقل الجلل
قدم عقيق المفردات ودرها
قدما تقدم مستقيما فالأجل
قاض يقاضي قلوبنا في سرها
ختاما
لتبقي حية لغتنا العربية مادامت الملايين تؤمن بوجودك ملكة على عرش الحضارة.
أيدا المولي