باتت الصناعات الدوائية قاب قوسين أو أدنى من دخول مرحلة جديدة. بفضل التقنيات الحديثة, التي من خلالها تستطيع العقاقير التأثير على البنى الجزيئية. بعد اكتمال مشروع الجينوم البشري.
ويقول الخبراء: إن عملية وصف الأدوية مستقبلاً ستأخذ بعين الاعتبار الوضع الجيني للمريض, وسوف يتم إنتاج العقار وفقاً لكل مريض على حده, ويسمى هذا النهج الجديد: علم الصيدلة الوراثية, الذي يقول: إن البشر يختلفون عن بعضهم بعضاً بشكل كبير من حيث الطريقة التي يتعامل بها الجسم مع العقاقير الشائعة, وهذا يشمل عملية دخول العقار إلى الخلايا, التي سيفعل فعله فيها, ومن ثم تفككه وخروجه من الجسم, فإذا كانت قدرة جسم الشخص على امتصاص العقار ضعيفة, فإنه لن يحصد الفوائد المحتملة للعقار.
وفي المقابل إن لم يتفكك العقار بسرعة كبيرة, فلن يستفيد الجسم من الحد الأقصى لفوائد العقار, ورغم ذلك فإن الآثار الجانبية ستبلغ حدها الأقصى أيضاً.
وقد تمكن الخبراء من تحديد الاختلافات في الجينات المسؤولة عن مدى قدرة الخلايا على امتصاص العقار… ويقولون إن الجسم يمتلك (مضخة) لمنع المواد السامة من دخول الخلايا، الأمر الذي يتم من خلاله حماية الأنسجة من الأضرار, ولهذه المضخات تأثير على العقاقير, ولكن هذا لايعني أن هذه الأخيرة ضارة,بل إنها غريبة على كيميائية الجسم.. ويكون نشاط هذه المضخات عند بعض الناس زائداً, ما يؤدي إلى طرح العقار من الخلية قبل أن يؤدي غرضه.
وأظهرت الدراسات الحديثة, أنه بالإمكان تحديد هؤلاء الناس من خلال بعض الطفرات الخاصة في جيناتهم.. فعندما يكون باستطاعة الأطباء معرفة هؤلاء من سجلاتهم الجينية, عندها يصار إلى وصف جرعة أكبر من العقار المعني للتغلب على هذه الظاهرة ومن المتوقع أن تتوفر في الأسواق قريباً أدوات تستطيع توفير سجل بالمعلومات المفصلة عن الحمض النووي للمريض من خلال قطرة دم واحدة.
والواقع ان مستقبل الطب بدأ يرسم ملامحه بشكل مطرد ومن خلال علم الجينات.. فمن خلال مشروع الجينوم البشري ستكون هناك أهداف جديدة للعقاقير وسوق تكون هناك تطورات جذرية أيضاً على توصيل الأدوية إلى جسم الإنسان.
وختاماً…
بفضل التقنيات الحديثة سيكون هناك علاجات دوائية ذكية تناسب كل شخص بذاته, متمتعاً بطاقتها القصوى دون أعراض جانبية.
الدكتور محمد منير أبو شعر
التاريخ: الجمعة 22-2-2019
الرقم: 16916