انتهى حفل الزفاف وأوصلت ابنتها إلى بيت زوجها ..لتبدأ رحلة أخرى على جسر مبني من الاستقرار والتفاهم والمحبة, وتكون بداية لطريق طويل من واقع فيه الكثير من المسؤوليات والواجبات والحقوق تقع على عاتق الاثنين معا ولكن الثقل الأكبر تتحمله الزوجة أكثر، في ظل وجود شريك الكتروني فهي من تضع اللبنة الأولى ..للخلية الأولى للمجتمع.
فمنذ عقود من الزمن كانت تتم الزيجات بطرق بدائية (الخاطبة, الصور, الأهل) والشرط أن لا يرى العريس عروسه حتى يتم الزواج , فكانت الخاطبة أو الأم تقع عليها مسؤولية إيصال الزواج إلى بر الأمان ولأجل هذا لابد من الزيارات المتكررة لامتحان الفتاة والتأكد من سلامتها الجسدية والنفسية من خلال مراقبة سلوكها في البيت من أصول التصرف والمعاملة , فكانت الفحوص الجسدية من شد للشعر إلى كسر الجوز لاختبار قوة الأسنان مرورا بحركات معينة الغرض منها الوصول لسلامة قيامها وجلوسها ومراقبة خطواتها, ولتصل في النهاية إلى أن تنال الرضا أو الرفض , عادات اندثر البعض منها .. ولكن تبقى الأم هي الأساس والأصل لتأخذ منها ابنتها الكثير من الدروس الحياتية لتتعرف أكثر على ذاتها وشخصيتها.
وقد تطورت الأدوات لتصبح اليوم أكثر سهولة بالنسبة للأبناء في ظل اجتياح التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي كافة مناحي الحياة فأحاطت بالفتاة وقامت بحرق أغلب المراحل, لتحل محل أكثر المهام السابقة ولكن في الوقت نفسه ساهمت في جعل مهمة الأم في تربية الأولاد أكثر صعوبة , وعلينا أن نعترف وحسب رأي دكتورة علم الاجتماع هناء برقاوي بوجود شريك ليس من لحم ودم بل هو شريك الكتروني ينافس الأسرة اليوم في تهيئة الأولاد للمستقبل وهنا يصبح دور الأم أصعب وقدرتها على النجاح في مهمتها محفوفة بالمشاق والمخاطر.
مخرجات الأسرة..
وتتابع الدكتورة برقاوي قائلة: إن فتاة اليوم ..أم في الغد وزوجة ومدرسة وقاضية في المستقبل, لا يختصر في الزواج والموضوع لا يتعلق بالفتاة فقط بل كلا الجنسين، فالأهل يتحملون مسؤولية إعدادهم للمستقبل لأنهم مخرجات الأسرة ومداخل للمجتمع كلما كانت المخرجات نوعية كانت مداخل المجتمع متميزة ..فعملية الإعداد تتطلب تضافر كل المؤسسات المعنية الأسرة المدرسة ووسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي الجديدة بداية علينا تعليمهم الصحة من الخطأ في كل التصرفات التي يقومون بها..
علينا زرع المحبة والأمل في نفوسهم ,والابتعاد عن الضغينة واحترام حقوق الآخرين.. علينا تعليمهم الواجبات التي ينبغي عليهم القيام بها والحقوق اللازم الحصول عليها, عملية التعليم ليست تلقينية بمعنى قومي بذلك ولا تقومي، يجب أن نكون القدوة لهم ليقتدو بنا وعليهم الاهتمام بثقافتهم وتعليمهم بما يفيدهم ويفيد المجتمع ,و مساعدتهم على الاعتماد على أنفسهم لا الاتكال على الأسرة ,فالأم هي أقرب الأشخاص التحاما بأفراد أسرتها لكن إلقاء العبء عليها وحدها يرهقها , لذلك يجب مساندة الزوج الأب لها لتحقق النجاح في مهمتها كما علينا تغيير نظرتها إلى الزواج (الفستان الأبيض والطرحة وحفل الزفاف) لفهم آلية الزواج مالها وما عليها وان الزواج شركة اقتصادية الأولاد هم رأس مال الشركة بقدر الاعتناء بهم جيدا يمكن أن تنتج الشركة أعضاء صالحين للمجتمع.
وأخيرا يمكن القول إنه كان للمدرسة دور قبل عقود في إعداد الفتاة عن طريق كتب ضمن المنهاج المدرسي وذلك في المرحلة الإعدادية تختص بتربية الطفل أو التدبير المنزلي وحتى في تعليم الخياطة والتطريز ونتمنى أن تعود تلك المواد لتساعد الأم في تهيئة الفتاة لدخول عالم جديد وواسع , فبناء الأسرة ليس سهلا وعلى الأم الأساس و بمساعدة الأب دور هام في إعداد الأولاد والفتاة بشكل خاص ليدخلوا بقوة إلى المجتمع والمساهمة في تطويره وازدهاره لينعكس على الوطن ككل.
فاطمة حسين
التاريخ: الأربعاء 27-2-2019
رقم العدد : 16919