أكد مدير غرفة تجارة دمشق الدكتور عامر خربوطلي للثورة أهمية الإصلاح الضريبي في تحفيز النشاط الاقتصادي لما بعد الحرب، مبيناً أن الضريبة التصاعدية المرهقة تمنع من تكون رؤوس الأموال الخاصة وتخفض من الادخار ما يؤدي إلى الحد من النشاط الاقتصادي مع زيادة في الاستهلاك، لافتا إلى أن ذلك انعكس طول الفترات السابقة سلباً على معدلات التنمية، وإن لمس الأثر الإيجابي لتخفيض المعدلات الضريبية لا يتحقق إلا بعد تطبيق المرسوم الأخير رقم /51/ لعام 2006.
وبين أن الأثر المباشر للحرب في تراجع نسبة مساهمة الضرائب والرسوم من الإيرادات العامة من 38% عام 2011 إلى 12,8% عام 2018 وتراجع حصة ضرائب الدخل من إجمالي الضرائب من 53,5% عام 2011 إلى 18,3% عام 2018، مبيناً أن الأهمية للسياسة المالية في مرحلة ما بعد الحرب الأخذ بالاعتبار حالات الضرر والتراجع الكبير في الأعمال التجارية الذي صاحب الحرب وتمكين اصحاب الاعمال من إعادة الإقلاع عبر مشجعات ضريبية وسياسة تسليف مالي محفزة، وضرورة تماشي السياسية المالية المتوقعة مع البرنامج الوطني لما بعد الحرب في إطار تنشيط العمل التجاري.
ودعا لاعتماد مرحلة مؤقتة مدتها 3-5 سنوات يتم من خلالها إصلاح وتعديل جميع القوانين باتجاه المزيد من تخفيف الأعباء وتسهيل التكليف ريثما يتم وضع الضوابط للانتقال إلى الضريبة الموحدة على الإيراد التي تكون قادرة على تحقيق عدالة أكبر في حال تمت مراعاة مصدر الإيراد أي تعدد معدلات الضريبة ضمن الشريحة الواحدة تبعاً لمصادر الدخل وضريبة القيمة المضافة TVA التي تحتاج إلى معايير محاسبية عالية غير متوافرة حالياً كما تحتاج إلى إدارة ضريبية عالية الكفاءة وخلال تلك الفترة يمكن تطبيق ضريبة المبيعات بنسب منخفضة على الشرائح الدنيا والوسطى للدخل وعليا على المستويات العليا للدخل.
وأضاف: إن المطلوب مستقبلاً في مرحلة الاعمار والانتعاش إيجاد الوسائل والأدوات لتكون الضريبة معتدلة ومحفزة للعمل الاقتصادي وشفافة وسهلة في التطبيق مما يساهم في إعادة الثقة من المكلف والدوائر المالية، وهذا لا يأتي من فراغ بل من التدريب والتأهيل للكوادر المالية ضمن معاهد تابعة لوزارة المالية ورفع الرواتب والتعويضات للموظفين، وإعادة تنسيق التشريعات الضريبية لتصبح واضحة في النص سهلة في التطبيق عادلة في المضمون ولا تحتاج لاجتهادات أو لتفسيرات ومذكرات وتعاميم كثيرة.
ولفت في مثال الى أن الحصيلة الضريبية ارتفعت من 16.4 مليار ليرة عام 1992 بما نسبته 74.9% من الضرائب والرسوم المباشرة إلى 22.5 مليار ليرة عام 1995 بعد ما تم تخفيض المعدلات الضريبية بموجب القانون 20 لعام 1991 أي إن التخفيض الذي وصل إلى 30% أدى إلى تصاعد الحصيلة الضريبية وليس إلى انخفاضها نتيجة توسع النشاط الاقتصادي، وهذه هي أحد أهم منعكسات النظام الضريبي الذي يسير نحو العدالة، مؤكداً أن الوصول إلى معدلات نمو اقتصادي مستقبلية مرتفعة تصل إلى 7-9% في إطار مرحلة الانتعاش واستدامة التنمية تحتاج لمعدلات استثمار مرتفعة من الناتج المحلي لا تقل عن 36% وهذا لن يأتي إلا من خلال تشجيع الاستثمار الخاص المحلي والخارجي وخلق بيئة ضريبية مشجعة ومستقرة وواضحة وهذا ما يجب أن يسعى إليه التشريع الضريبي المستقبلي الذي ينبغي أن يكون متماشياً من سياسات مكافحة البطالة وتنشيط الأعمال التجارية والاستثمارية.
وبين إن السياسة المالية الجديدة لما بعد الحرب ينبغي أن تعالج أولاً الخروج من حالة (الركود التضخمي) عبر زيادة القوة الشرائية بموارد غير تضخمية بشكل يساهم في تنشيط الأسواق والتجارة وتشجيع عمليات التصدير، بالإضافة إلى منح المشروعات الصغيرة معاملة تفضيلية ضريبياً وبخاصة في مرحلة التأسيس والإقلاع لتلافي حالات الفشل عبر دعم إنشاء مؤسسات رأس المال المبادر أو المخاطر، وإعادة النظر بالرسوم الجمركية على مستلزمات الإنتاج ومكونات إعادة الإعمار لتخفيض تكلفة المشاريع المستقبلية والتركيز على الشركات المساهمة كونها تدفع الضريبة بصورة نظامية ويتوازعها جميع المساهمين وتبسيط إجراءات فرض الضرائب والتعامل بمنطق سليم بين المراقب والمكلف وألا يكون للتقديرات العشوائية أي دور وبخاصة في ضرائب الدخل المقطوع وإنما بقرائن وأدلة مادية واضحة.
دمشق – الثورة
التاريخ: الثلاثاء 5-3-2019
رقم العدد : 16924