لم تعد التقنية مجرد برامج وتقنيات للعرض والتجريب بل أصبحت جزءاً لا يتجزأ من أفكار ومعطيات كثيرة يتطلبها تطوير البحث العلمي الذي يعول عليه أن يقوم بدور فاعل في مرحلة إعادة الاعمار،من خلال ربطه بسوق العمل ،حيث الرهان اليوم على الاختصاصات المتداخلة المطلوبة ،من حيث كيفية دمج القانون بالمعلوماتية ،والطب بالتقانات،و دمج الجودة والطب .
هذه الاختصاصات برأي الدكتور خليل عجمي رئيس الجامعة الافتراضية السورية هو ما يراهن عليها اليوم.لأن حاجات سوق العمل حاليا تصب في هذه الاختصاصات، وبالتالي لابد من وثوقية البحوث في هذه الاختصاصات وتطويرها ،الى جانب المرونة ،وضرورة ذوبان الفروق مابين مختلف انماط التعليم،اذ لم يعد هناك حواجز او فروقا كبيرة ، فالعملية التعليمية متكاملة إلى حد كبير.
ونوه الدكتور عجمي من خلال مناقشات مؤتمر البحث العلمي الذي أطلقت مرحلته الاولى وزارة التعليم العالي مؤخرا. الى ان كل برنامج تعليمي له توجه ما حسب ما يمكن ان نقدم فيه ،فبعض البرامج التعليمية لا يمكن تقديمها اون لاين على سبيل المثال لأنها تحتاج الى مخابر ،في حين بعض البرامج الأخرى يمكن تقديمها اون لاين ،وبدلا من اعتماد كلية تحتية لوجستية مخصصة لها والتكلف عليها، يمكن توجيه هذه الكلف لأعمال أخرى.
والأهم برأي الدكتور عجمي فيما يخص موضوع التحول الرقمي وأثره على التعليم العالي والبحث العلمي والذي أشرنا الي جانب منه في مادة سابقة هو ضرورة وجود هيئات اعتمادية مستقلة لأن تنوع أنماط التعليم ،وتنوع مدخلاته،يجبرنا حسب قوله على ايجاد هيئات اعتمادية مستقلة لإيجاد حلول أمام تنوع هذه المدخلات وكيف يمكن أن توحد المخرج.
فعندنا في سورية تعليم خاص،افتراضي ،مفتوح،وتعليم نظامي،وإذا لم توجد هيئة اعتمادية تقود ،من حيث كيفية ترتيب هذه الجامعات،وكيفية ترتيب المخرجات ،واختيار الأفضل وكيف سيعاد ترتيبها ،كي لا نبقى نردد دائما عبارة انا في دائرة التعليم النظامي..وذاك في التعليم المفتوح وآخر في التعليم الافتراضي أوالخاص. يفهم من ذلك أن إنشاء هيئة اعتمادية تستطيع أن تحدد مستوى هذه المخرجات المستقلة ،كي تستطيع أن توازي بين هذه الأنماط بالتعليم .
نحتاج في سورية إلى هيئات اعتمادية مستقلة لنبدأ من التصنيف على المستوى المحلي وذلك بتصنيف الجامعات وفق الحاجة والضرورة السورية ،وبعدها يمكن التكلم عن تصنيف عالمي للجامعات.
وبين الدكتور عجمي أن الهند على سبيل المثال لديها حاليا هيئة اعتمادية خاصة بها،ولا تهتم بكل التصنيفات العالمية ،وإنما تنطلق من بناء نفسها أولا،ومن ثم تذهب الى منافسة العالم.
أفكار وعناوين وخطوات كثيرة عرضها الدكتور عجمي فيما يخص موضوع التحول الرقمي وأثره على التعليم العالي والبحث العلمي وتم ذكر معظمها سابقا ،ما دفعنا للتأكيد على موضوع الهيئات الاعتمادية المستقلة التي تساهم بحل الكثير من المعضلات التعليمية .
يذكر أن الخطة المتكاملة للنهوض بالبحث العلمي في سورية ترتكز على خمس مراحل . المرحلة الأولى مهمتها اعداد قواعد البيانات البحثية بشكل رقمي ،وذلك على عدة مستويات منها اعتماد بيانات مركزية لأعضاء الهيئة التعليمية في الجامعات الحكومية والمعاهد العليا التابعة لوزارة التعليم العالي .
وإعداد بيانات تتضمن المجلات العلمية المعتمدة ،وأخرى خاصة برسائل الماجستير والدكتوراه (المنجز منها وما هو قيد الانجاز ) بالإضافة لمتابعة منصة المجلات الالكترونية الوطنية ، وبيانات موفدي البعثات العلمية بما فيهم الطلاب المتميزون الموفدون عن طريق مديرية البعثات العلمية .
أما المرحلة الثانية التي تعمل عليها الوزارة هي تعزيز ثقافة البحث العلمي ونشرها ،فيما المرحلة الثالثة تقوم على التعريف بالباحث ،حقوقه ،تحفيزه. وتركز المرحلة الرابعة على البيئة التمكينية للبحث العلمي .بينما تعتمد المرحلة الخامسة تشبيك وربط البحث العلمي مع سوق العمل .
غصون سليمان
التاريخ: الثلاثاء 9-4-2019
الرقم: 16952