يبدو أن موجة البرد التي اجتاحت جدار الطبيعة البشرية قد اختبرت كثافة عظامنا وقدرتها على التحمل والمشي،ففي معيار القياس المعنوي كانت نتائج الفوز لصالح الغالبية من أبناء الشعب السوري الذين تمرّنوا جيدا على ضبط الأعصاب وقطعوا أشواطا في مراحل التكيف والتأقلم مع أشد الظروف قسوة ومفاجأة ..
فاعتبروا قطع المسافات مشيا على الأقدام لساعات ليست قليلة هي رياضة طبية صحية منحت لهم بالمجان بحكم الضرورة ، ما ساعدهم على تنفيس الطاقات السلبية من نفوسهم أولا وأجسادهم ثانيا ،فيما حركة السير كانت في اجازة شبه قسرية على جانبي الطريق بانتظار فرج المحروقات في العاصمة وأخواتها من المدن الأخرى .
بعض المتذمرين والمتذمرات ،المنظرين والمنظرات من أصحاب ومسببي معزوفة رفع الضغط الآني وربما المستمر كأنهم يعيشون خارج سياق التاريخ وتطورات الحدث ، وتغيرات الحاضر التي طرأت على مدى ثماني سنوات ،»فالنق «عندهم عبادة ،والشكوى المملة تكاد تكون في مرتبة «الجلطة «،وكذلك إبداء الرأي في غير محله معظمه لا يمت للواقع بصلة فهو حمال أوجه حسب النوايا المتأرجحة بين القبول والرفض..
ما وصلنا اليه من واقع معيشي ضاغط ومنهك بكل المقاييس وعلى جميع الأصعدة لا أحد ينكره بالتأكيد فقد أثر على بنية المجتمع كافة ، لكن بنية النفس القوية للإنسان السوري كل من موقعه كانت الأكفأ والأقدر على تجاوز أنفاق من التشاؤم وجسور من التحريض السلبي ،ومساحات من طرد اليأس .باعتباره خبر نوايا المشروع بل المشاريع المعادية التي كانت معدة بترتيب وهندسة بالجملة لهزيمة أبناء هذا البلد معنويا بالدرجة الأولى ، كي لا تتيقظ الإرادة وتستعد العزيمة لتبارز نوايا الشر وتسحقها في مسرح الحياة وحلبة المعركة بأدوارها المختلفة .
هناك سجال مشروع بين المواطنين والحكومة ، بين الموظفين ومرؤوسيهم في الادارات والمؤسسات تتعلق بكل التفاصيل التي قد تخطر على بال أي انسان يعيش على تراب هذا الوطن ، بعض السجال هذا ينظر بعين الرضا لحزم التدابير المتخذة بالتقسيط ضمن الامكانيات المتاحة للقدرات المتوفرة ، وبعضه الآخر تلازمه النظرة التشاؤمية مهما تفاعلت حزم التدبير وكانت مقنعة ولو مرحليا ..
نحتاج جميعا الى وقفة مع الذات و مراجعة منطقية هادئة لسنوات مليئة بالقهر والتعب والظلم مرت .. أن ننظر كيف كنا وكيف أصبحنا في مشروع الإرهاب المتنامي على مستوى العالم .. لكن يبقى الفضل الأول والأخير لسورية الحياة والإنسان التي بددت ريحه وهزمت معظمه بفضل جيشها وصبر شعبها و حكمة قيادتها ..لتبدأ معركة الاقتصاد بأدوات الحصار والتجويع ونهب الخيرات والاحتكار وكل فصول السلب ، والتي يعمل على تطويقها هذا الشعب مواطن ومسؤول باجتراح وابتكار كل خبرات الاعتماد على الذات.. ولنا في ذلك تجارب سابقة ناجحة ومثمرة ..حققنا من خلالها قفزات نوعية في الوفرة و الاكتفاء الذاتي على جميع المستويات..فلا مجال لليأس ولا مكان له بيننا .
غصون سليمان
التاريخ: الخميس 25-4-2019
رقم العدد : 16964

السابق