إحباط الأطفال ..بعضه موروث من الأمهات

ننظر إلى الطفولة بشكل عام على أنها مرحلة بريئة في الحياة ومتحررة من المسؤوليات الثقيلة التي تفرض على عمر الراشد،وأنها مرحلة محمية تسبق البداية الحقيقية للوجود.وبتوصيف الواقع بظرفه العام لا توجد حماية لهذه الشريحة من عدوى التشاؤم ووليده الكارثي الذي هو الاكتئاب ، حسب رأي مارتان سيليغمان مؤسس علم النفس الايجابي بجامعة بنسلفانيا،حيث يعاني كثير من الأطفال من تشاؤم يعصف بحياتهم حتى مرحلة النضج ، إلى حدّ أنه يعرض تأهيلهم وحياتهم العملية للخطر،ويمنعهم من العيش سعداء، أما بخصوص الاكتئاب فإنه يصيب الأطفال بالنسبة والشدة التي تصيب البالغين.ويعتبر سيليغمان في كتابه قوة التفاؤل تعلم الثقة بالحياة ترجمة الدكتور غسان السيد ، إصدار الهيئة العامة السورية للكتاب ، أن التشاؤم يتسلل في مرحلة مبكرة الى إدراك عالم الطفل،وهو إدراك لن يتركه بعد ذلك.
يشير المؤلف في خلاصة لبعض الدراسات أن الأطفال يرثون جزءاً كبيراً من تشاؤمهم من أمهاتهم ،وأن انتقادات البالغين تترسخ في أذهانهم أيضاً .وبما أن الأطفال يتعلمون التشاؤم، فإنه يمكنهم أيضاً عدم تعلمه وبطريقة الراشدين نفسها،من خلال تطوير طريقة تفسير تساعدهم بأسلوب أفضل ، على مواجهة حالات الفشل التي لا يمكن تجنبها في الحياة.
معايير أساسية
بمعنى لن نكون على خطأ اذا أكدنا أنه من المهم تعليم الأطفال التفاؤل كما تعلمهم فضيلة الجهد أو احترام الحقيقة،وذلك بسبب التأثير العميق الذي يمكن أن يكون للتفاؤل في حياتهم الراشدة من آثار ايجابية ،وفيما إذا كان الابن والابنة في حاجة إلى امتلاك كفاءات التفاؤل،يتردد عدد من الآباء أمام التدخل في التطوير العاطفي لطفلهم،ومن أجل تحديد ما إذا كان هذا الطفل يمكن أن يكسب من خلال هذا النوع فإن على جميع الآباء أن يأخذوا ثلاثة معايير أساسية بعين النظر من خلال استبيانات البحث التي قام بها المؤلف.
اذا كانت نتيجة ابنتك أقل من سبعة وكانت نتيجة ابنك اقل من خمسة فإنهما معرضان لخطر الاكتئاب اكثر بضعفين من الأطفال المتفائلين وأن هناك آثاراً كارثية على الصغار بوجود خلافات بين الأبوين. وبالتالي كيف يتم تعليم الطفل لمواجهة المشكلة بسعادة برأي سيليغمان أن المرحلة الأولى من تعلم التفاؤل لدى الأطفال على اكتشاف الرابط بين المشكلة والتفسير والعواقب من خلال اتباع تمارين مصممة لأطفال بعمر ٨-١٤عاماً.
وأن يكون لدى الوالدين بعض الصبر تجاهه،وقبل كل شيء يجب افهام الطفل أن مشاعره لا تأتي من السماء وان طريقته في رؤيتها يمكن أن تؤثر فيه،قل له في كل مرة يشعر فيها بالحزن،والغضب،والخوف أو الدهشة فإن ذلك يعود إلى طريقة التفكير،ويكفي تحديد هذه الطريقة من أجل القدرة على تغيير الشعور المقصود،.
ويضرب المؤلف مثالاً حول بعض التمارين فيما يتعلق بالتركيز على العلاقة بين التفسير والعواقب،فعندما يأتي طفلك ويعرض مشكلته بالقول: «وبخني المعلم في الصف، وسخر الجميع مني»، فإن تفسيره عند هذا الطفل هو لصاحبه ،والآن لا يأخذه الآخرون على محمل الجد. أما عواقب هذا الفعل في نفسه وحسب التوصيف أنه كان حزيناً فعلاً وتمنى لو أنه اختفى.هنا يجب أن يسأل الطفل لماذا برأيه كان حزيناً،ولماذا تمنى لو أنه اختفى،هل لأن الجميع عرف أن المعلم لم يكن عادلاً ،أم هناك أسباب أخرى .
مواقف إشكالية
من المفيد أن يسأل الأهل أبناءهم عن مواقف إشكالية في حياتهم اليومية ومناقشتهم في الأماسي ، وتعليمهم آليات الدحض من خلال السيطرة على العلاقة بين المشكلة والتفسير والعواقب في حال لم تكن لديهم صعوبة كبيرة في فهم التأثير المنشط للدحض،بعد التذكير بالمبادئ التي تعلمها الأطفال أو الأبناء من قبل كما ورد في المثال الآنف الذكر حول توبيخ المعلم للطفل في الصف .وهنا يطلب المؤلف وجوب الشرح بأن الأفكار التي يفكر فيها الطفل في حالة حصول مشكلة ليست بالضرورة أفكارا حقيقية أو صحيحة ، ولذلك فهو يستطيع أن يضعها موضع تساؤل،مثلما يحصل حين يعبر عنها طفل خبيث تجاهه، (كأن يطلب منه التخيل بأن مثل هذا الرأي لا ينبع من ذاته لكنه ينبع من أسوأ أعدائه،وحسب ردة فعله يعطى جواباً مرضياً.
في ملخص البحث يرى مؤسس علم النفس الايجابي:أن وضع الأفكار السلبية الخاصة موضع التساؤل هي مهارة يستطيع اي طفل اكتسابها. وعلى شاكلة أي مهارة،ستبدو في البداية غير مريحة حين تطبيقها،مثل ضربة الإرسال في لعبة التنس،ولكنها ستصبح سريعا مسألة اعتيادية بمقدار ما نتمثلها في وقت مبكر في الحياة بمقدار ما نحمي أنفسنا من المتاعب،إذ يمكنك بسرعة أن تعلم طفلك فوائد السلسلة السحرية ..المشكلة،التفسير،العواقب،الدحض،والتنشيط.
يمكنك بالنسبة إلى الأطفال الصغار أن تستخدم دمية متحركة..لأن الدمية المتحركة ستساعدهم على إسقاط أفكارهم باتجاه الخارج.
أخيراً يمكن القول :إن الغوص في عالم الطفولة لا حدود له عالم متسع لكلّ التجارب والخبرات التربوية والنفسية والاجتماعية.

 

غصون سليمان
التاريخ: الأربعاء 15-5-2019
الرقم: 16978

آخر الأخبار
الطفل العنيد.. كيف نواجه تحدياته ونخففها؟   الجمال.. من الذوق الطبيعي إلى الهوس الاصطناعي   "الطباخ الصغير" .. لتعزيز جودة الوقت مع الأطفال   المغتربون السوريون يسجلون نجاحات في ألمانيا   تامر غزال.. أول سوري يترشح لبرلمان آوغسبورغ لاند محاور لإصلاح التعليم الطبي السوري محافظ حلب يبحث مع وفد ألماني دعم مشاريع التعافي المبكر والتنمية ابن مدينة حلب مرشحاً عن حزب الخضر الألماني خاص لـ "الثورة": السوري تامر غزال يكتب التاريخ في بافاريا.. "أنا الحلبي وابنكم في المغترب" سوريا تفتح نوافذ التعاون العربي عبر "معرض النسيج الدولي 2026"  رفع العقوبات إنجاز دبلوماسي يعيد لسوريا مكانتها ودورها الإقليمي دعماً للإعمار.. نقابة المهندسين تؤجل زيادة تكاليف البناء من التهميش إلى التأثير.. الدبلوماسية السورية تنتصر  متبرع يقدم جهازي "حاقن آلي" وتنفس اصطناعي لمستشفى الصنمين بدرعا  حملة شاملة لترحيل القمامة من مكب "عين العصافير"  بحلب بين دعم واشنطن وامتناع بكين.. الرحلة الاستراتيجية لسوريا بعد القرار "2799" ما بعد القرار "2799".. كيف قلب "مجلس الأمن" صفحة علاقة العالم مع سوريا؟  خبير اقتصادي ينبه من تداعيات التّحول إلى "الريعية"  قرار مجلس الأمن وفتح أبواب "البيت الأبيض".. تحول استراتيجي في الدبلوماسية السورية  كيف حول الرئيس الشرع رؤية واشنطن من فرض العقوبات إلى المطالبة برفعها؟ ٥ آلاف ميغا واط كهرباء تعزز الإنتاج وتحفز النمو