لا يختلف اثنان (من العقلاء طبعاً) أن ما قامت به خفافيش الظلام مؤخراً من اعتداء إرهابي بعدد من القنابل أسقطتها من طائرة مسيرة على محطة توليد كهرباء الزارة في محافظة حماة، هو عمل شيطاني وفعل شائن وتصرف خسيس بامتياز، في محاولة بائسة ويائسة منهم لفرملة عجلة الحياة والإنتاج، وهم يلفظون أنفاسهم الأخيرة في جحورهم وأوكارهم في ريف حماة الشمالي وإدلب.
ولا يختلف اثنان أيضاً، أن العمل الإرهابي الجبان هذا، قابله ردود أفعال ليس أولها الصفعة المؤلمة والقاسية التي تلقوها على يد بواسل الجيش العربي السوري، ولا آخرها حالة الاستنفار العام والجهوزية العالية والتحرك السريع لا بل القياسي لجنود وزارة الكهرباء من فنيين وتقنيين، الذين كانوا داخل الخنادق الإنتاجية الأمامية لحظة الاعتداء، لينتقلوا (اليد باليد والقلب على القلب) خلال الدقائق الأولى التي تلت استهداف المحطة إلى ساحات العمل، لإزالة آثار الاعتداء في خطوة أولى وتمهيدية سبقت عملية تأمين المعدات والتجهيزات اللازمة (بدل المتضررة) وصولاً إلى التحرك الجماعي عالي المستوى باتجاه إعادة بناء وإصلاح وتأهيل الدمار الكبير الذي تعرضت له المحطة والذي تسبب في توقف إحدى مجموعاتها عن العمل وخروجها الكلي لا الجزئي عن الخدمة.
ما تحقق داخل محطة توليد الزارة الكهربائية الاستراتجية لم يكلف أصحاب الزنود السمراء الوطنية من الجهد والعمل المتواصل أياماً أو أسابيع أو حتى أشهراً، ولا حتى لأي شكل من أشكال الدعم من زملائهم في جبهات العمل الكهربائية الأخرى، وإنما احتاج فقط إلى تسع ساعات عمل (بالتمام والكمال ـ من الساعة 12 من منتصف ليل الأربعاء وحتى الساعة التاسعة من صباح يوم الخميس الماضي) لإنجاز عملية الإصلاح وإعادة الربط من جديد مع الشبكة الكهربائية العامة، ونيل علامة هذا الامتحان الصعب لا المستحيل عليهم كاملة.
هذه العلامة الفارقة والاستثنائية في آلية عمل وتعاطي وتحرك وتفاعل بعض لا كل جهاتنا العامة ولا سيما الخدمية منها تستحق التوقف عندها مطولاً، والحديث عنها والإشارة إليها والكتابة عنها بالخط العريض.
نعم كل ذلك وأكثر, فهم يستحقون منا جميعاً أكثر من رفع القبعة لهم احتراماً وتقديراً.. ولا سيما أن ما قاموا به هو المرة العاشرة بعد الـ…
عامر ياغي
التاريخ: الأثنين 27-5-2019
رقم العدد : 16987