ليس بتطييب الخواطر يمكن لجم عقال أسواقنا التجارية المنفلت على غاربه، ولا بـ “تبويس” الشوارب نستطيع اجتثاث ظاهرة احتكار المواد التموينية والسلع الغذائية، ولا حتى بالوقوف على أطلال عتبة التلويح بعصا العقوبات التي نصت عليها القوانين والأنظمة النافذة لمجرد التهديد والوعيد، وإنما بتطبيق مبدأ الثواب والعقاب، واستحضار وتنفيذ الإجراء “الغائب الأبرز والأكبر عن المشهد التجاري المحلي” الذي طالما تغنت وتغزلت به الجهة التنفيذية المكلفة رسمياً حماية المستهلك “كل مستهلك” من كل محاولة تستهدف استغلاله وسرقة لقمة عيشه والتلاعب بأمنه الغذائي والصحي.
مأساة اللاميرادا مول انتهت بقائمة لا تعد ولا تحصى من المخالفات والتجاوزات والأخطاء والفساد، والعملية العسكرية للحليف الروسي في أوكرانيا قطعت أشواطاً مهمة باتجاه الحفاظ على أمن روسيا الوطني واستقرار الأمن العالمي، وأطماع تجارنا وبائعينا مازالت تتشظى ساعة تلو ساعة ويوم بعد يوم ارتفاعاً فاحشاً في أسواقنا ومتاجرنا، حيث لم تترك جيباً أو محفظة إلا ونهشتها حتى آخر قرش فيها، تحت ذرائع وحجج ومبررات لم ينزل بها الله من سلطان.
المشهد العام يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك، أنه لو كان لدينا “لو” ذراع تنفيذي قوي، وجهاز رقابي لا يستهان به، وعين تموينية ثاقبة لا مثقوبة، لما كان لهذه الطفيليات أن تظهر وتتكاثر وتنتشر في أسواقنا .. وما كان لغول الأسعار أن يسرح ويمرح كيفما كان وفي أي وقت يشاء، وما كان للمواطن أن يصرخ بملء حنجرته “كفانــــــــــــا”.
هذا النزال غير المتكافئ ولا حتى العادل أمام هذا الخصم الشرس والعنيد والشره جداً لنيل كل ما في الجيب، يحتاج إلى جهة تملك من الجرأة والشجاعة والقوة التي تمكنها من إخراج القوائم السوداء من الإدراج المغلقة وإماطة اللثام عن أسماء كل اللصوص الذين عاثوا فساداً في أسواقنا وتاجروا بلقمة عيشنا.. من احتكر وضارب وتلاعب وأخفى الدواء والغذاء .. من مازال يتمنع بطريقة أو بأخرى عن الامتثال للقرارات التي تعطي لكل ذي حق حقه، بعيداً عن الابتزاز والغش والتلاعب والاحتكار التي كانت ومازالت العلامة الفارقة والمميزة في عمل شريحة من التجار والباعة ومصدر فخرهم وتأكيدهم على أن الشطارة التي تقوم عليها تجارتهم لا تعترف إلا بالربح والثراء الفاحش دون الخسارة.
مشهدنا العام يحتاج إلى فزعة حكومية وأجهزة تموينية “لا ترحم” تضرب بيد من فولاذ “بعيداً عن أسلوب الدغدغة” هذا الغول وتجبره على الترنح عاجلاً أم آجلاً على بساط وداخل حلبة خفض مؤشر الأسعار وتسجل هبوطات تكون بمثابة جرعة الأوكسجين التي سيتنفس الصعداء من خلالها أصحاب الدخل المحدود جداً، على الرغم من عدم ملامستهم (حتى تاريخه) إلا لجزء يسير مما يمنون به أنفسهم ودخولهم وجيوبهم وبطونهم.
نعم .. لصوص الأسواق يستحقون منا ليس شهرياً ولا حتى أسبوعياً بل يومياً قائمة سوداء قاتمة يتم نشرها على الملأ … للتشهير بهم وبممارستهم وأفعالهم التي كان ومازال لها وقعها السلبي على مئات آلاف الأسر الذين لهم كل الحق في معرفة من تاجر بلقمة أطفالهم والتعامل معهم بالطريقة التي يستحقونها أقلها المقاطعة، ليكونوا عبرة لمن اعتبر عاجلاً أم آجلاً.
الكنز- عامر ياغي