على وقع التهديدات الأميركية المستمرة لإيران ونذر الحرب التي تتصاعد رويداً رويداً في الخليج تحت عناوين نووية زائفة، يحاول الكيان الصهيوني الاستفادة من هذه الأجواء المحمومة التي كان تحريضه وخداعه سبباً رئيساً لها، لاستكمال الصفقة المشؤومة التي وعده بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وبالتالي حرمان الشعب الفلسطيني من كامل حقوقه المشروعة وتصفية قضيته العادلة.
يتوهم الكيان الغاصب أن اندلاع مثل هذه الحرب، مع احتمال أن تكون حرباً طويلة تشغل بال العالم بأخطارها وتداعياتها الكارثية المتوقعة، سيؤمن له فرصة ذهبية ـ قد لا تتكررـ لاستكمال مشاريعه في المنطقة وتحقيق أحلامه، من خلال تحويل القضية الفلسطينية إلى قضية هامشية بالنظر للمواجهة الكبيرة التي ستأخذ الحيز الأضخم من الاهتمام العالمي في حال حدوثها، ولكن يغيب عن باله مسائل عديدة ربما أعماه غروره وحقده عن التفكير بها، فثمة احتمال قائم أن تخسر واشنطن هذه المواجهة كما خسرت العديد من المواجهات في السابق، وهذا سيرتب تداعيات سلبية على المصالح والوجود الأميركي في المنطقة عموماً، ولن يكون الكيان في هذه الحالة بغنى عنها، إذ لا أحد يضمن بقاء جبهته الداخلية خارج الحرب، كما لا يعقل أن يتفرج باقي مكونات محور المقاومة على حليفهم الإيراني وهو يخوض حرباً موجهة ضد المحور برمته.
ينظر كيان الاحتلال إلى هرولة بعض الأنظمة العربية ـ الخليجية بوجه خاص ـ للتطبيع معه، واستعدادها للضغط على الفلسطينيين من أجل القبول بالصفقة المذلة، كما لو أنه يحقق مصالحه، ولكنه يتجاهل أن أكثرية الشعوب العربية ضد التطبيع وإقامة العلاقات مع الاحتلال، وهي لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء مؤامرة رخيصة مكشوفة من هذا النوع، وبالتالي لن يكون في قدرته ولا قدرة واشنطن التفرغ لحماية العروش المهتزة من السقوط، لأن هذا غير مضمون إذا وقعت الحرب مع إيران وتعرض الوجود الأميركي في المنطقة كله للخطر.
يستخف كيان العدوان بإمكانات الشعب الفلسطيني وقدرته على المقاومة، ويظن إن شنّ حرب على إيران ـ الداعمة لقضيته ـ سيزيد من إحباطه ويأسه، ولكن تجارب العقود السبعة الماضية تؤكد أنه شعب لا يعرف الهزيمة ولا اليأس، وباستطاعته أن يستعيد زمام المبادرة في أحلك الظروف، ومن الخطأ المراهنة على خضوعه أو خنوعه مهما كانت الأسباب..!
عبد الحليم سعود
التاريخ: الأثنين 27-5-2019
رقم العدد : 16987