من يتابع سيل التصريحات الأميركية المضللة بخصوص الأزمة الحالية في شرق أوكرانيا يصل إلى قناعة تامة أن إدارة بايدن تتوسل حرباً في هذه المنطقة من العالم بأي ثمن ومهما كلّف الأمر، لدرجة أن بايدن نفسه تورط بتحديد موعد للغزو الروسي المزعوم وكأنه واقع لا محالة، حيث منعه خرفه السياسي المتزايد من التريث أو وضع احتمالات أخرى تؤجل أو تحوّل دون قيام هذه الحرب الافتراضية.
ورغم نفي المسؤولين الروس على اختلاف مستوياتهم مراراً وتكراراً وجود أي نية لديهم بهذا الاتجاه وانفتاحهم على الدبلوماسية والحوار لوقف حالة التصعيد والتوتر، لاتزال واشنطن وحلفاؤها في الناتو يراهنون على قيام الحرب وكأنها حبل إنقاذ لهم أو حلم يتطلعون لتحقيقه، وقد بدأت العديد من القنوات الفضائية المأجورة بنقل أجواء حرب قائمة في شرق أوكرانيا واستعدادات وتجهيزات من كلّ الأطراف لساعة الصفر، ولم يكن ينقص المشهد كي يكون أكثر إقناعاً للرأي العام العالمي سوى وضع مجسمات لمناطق مدمرة وصور جثث وجرحى ومشردين ومناطق منكوبة، كما دخلت بعض برامج تصميم الفيديوهات “انميشن” على خط الأزمة وعرضت مقتطفات من حرب افتراضية تحاكي حرباً حقيقية لدعم التضليل الأميركي غير المسبوق.
هذا الإصرار الأميركي على رواية واحدة مزيفة رغم اختلاف الروايات يؤكد بما يترك مجالاً للشك أن قرار الحرب في شرق أوكرانيا قد اتخذته إدارة بايدن، وهي تعكف حالياً على إخراج سيناريو مفبرك يجعل العالم مستعداً لتقبل وجهة النظر الغربية وتالياً إلقاء اللوم على موسكو وتحميلها كامل المسؤولية عن أي تداعيات محتملة، ولعل السيناريو الأقرب هو أن تبدأ جماعات مسلّحة تابعة للاستخبارات الأميركية في شرق أوكرانيا باستهداف الجانب الأوكراني لتشتعل الحرب فعلياً.
الملفت للنظر هو انعدام الرؤية والحكمة عند الجانب الأوروبي رغم أنه المرشح الأكبر لدفع تكاليف الحرب وتحمّل تداعياتها بعد أوكرانيا التي ستتحول إلى واحة خراب فيما لو سار السيناريو الأميركي كما هو مخطط له، فهل يقع المحظور بسبب خطأ في الحسابات أم يعود الطرف الغربي إلى رشده قبل فوات الأوان..فالعالم لم يعد يحتمل جنوناً أميركياً جديداً..؟!
البقعة الساخنة – عبد الحليم سعود