أصبح في حكم المعلوم والمؤكد أن السياسة الأميركية أياً كانت الإدارة في البيت الأبيض “من جماعة الفيل أم الحمار” باتت عبثية وعقيمة وتتحرى خلق الأزمات وإشعال فتيل الاضطرابات والحروب ،وآخر همومها البحث عن الأمن والسلام والاستقرار، ففي كلّ منطقة تطالها الأصابع الأميركية “سياسية كانت أم عسكرية ، إعلامية أو اقتصادية” – ناهيك بالأصابع الاستخباراتية” – تحدث المصائب والكوارث والنكبات ويعمّ الخراب، ولعلّ أحدث الشواهد اليوم هو ما يجري في شرق أوروبا عند حدود أوكرانيا، فلو اقتصرنا فقط على ما تبثه الدعاية الأميركية المضللة يومياً لبتنا على قناعة تامة أن الحرب قاب قوسين أو أدنى، وأن الغزو الروسي المزعوم لهذا البلد لم يعد احتمالاً وشيكاً بل بات حقيقة واقعة لا تخطئها العين..!
التسخين الجاري من قبل الولايات المتحدة بشأن الأزمة الأوكرانية، تحركات وتحرشات عسكرية على حدود روسيا..شحن أسلحة إلى كييف..نشر صواريخ في شرق أوروبا..سحب سفراء ودبلوماسيين وإجلاء مواطنين أميركيين من أوكرانيا..تصعيد دبلوماسي وإعلامي وتحريض غير مسبوق، كلّه يشي بتحضير العالم لأجواء حرب كبيرة، وكأن العالم الذي يعاني من ويلات الجوع والفقر والتشرد واللجوء والهزات الاقتصادية والأوبئة الفتّاكة والأمراض المعدية والتغييرات المناخية المهددة لكوكب الأرض بحاجة إلى حرب جديدة تفاقم ويلاته وأزماته، وتهدد مصيره ومستقبله.
السياسة الأميركية العقيمة لا تتعلم الدروس ولا تكترث بالعبر، فماذا جلبت لها حروبها في كوريا وفيتنام وأفغانستان والعراق سوى الخزي والعار والهزيمة والانسحاب المخجل، لتعتقد أو تظن أن حرباً جديدة في أوروبا يمكن أن تعوض لها ما فات، أم أن فائض السلاح والقوة اللذين تمتلكهما لا يمكن صرفه إلا عبر الحروب والدمار والموت، هل فكّر الأميركيون حقاً بمصالح الشعب الأوكراني وهم يجرونه إلى حرب لا طاقة ولا مصلحة له بها، هل يعتقد الأميركيون أن روسيا ستستسلم وتسمح لعقارب الناتو أن تقيم في جحرها وتلدغها من حين لآخر، أم أن الأميركيين مهمتهم فقط إشعال الحروب وعلى الآخرين أن ينزعوا أشواكهم بأنفسهم، كما يجري في العراق وأفغانستان حالياً.
لعلّ الوقت ضيق جداً أمام الأوروبيين كي ينأوا بأنفسهم عن السياسة الأميركية العقيمة وأن ينجوا مما تخطط له إدارة بايدن الشريرة، فإذا وقعت الحرب فلا خلاف بأن قارتهم العاجزة والعجوز ستكون أكبر المتضررين..وآن لهم أن يتعظوا من الدروس الكثيرة..
البقعة الساخنة – عبد الحليم سعود