تحت عنوان مضلل ومخادع استعمل مصطلح “السلام” فيه ضحية بريئة، حاولت واشنطن بالأمس استخدام مجلس الأمن الدولي للمرة الثانية في بضعة أيام من أجل إدانة روسيا وتشويه صورتها وتقديمها بصورة المعتدي على الشعب الأوكراني، عبر كم هائل من الأكاذيب والتلفيقات الخاصة بتطورات الأزمة الأوكرانية، متناسية أن تحريضها المستمر لكييف على التنصل من اتفاق مينسك ورفض أي حوار بنّاء مع موسكو، وتقديمها السلاح للقوميين الأوكرانيين المتشددين المعادين لروسيا من أجل ممارسة عدوانهم على إقليم دونباس – أكثر من 15 ألف قتيل في ثماني سنوات – كان السبب الذي اضطر موسكو للقيام بهذه العملية العسكرية الخاصة لحماية المدنيين، ويقيناً لو ترك طرفا الأزمة يحلان مشاكلهما المصطنعة غربياً دون تدخل أميركي لما كانت الأمور وصلت إلى هذه الدرجة من العسكرة واستخدام السلاح.
كان على واشنطن أن تكون شفافة في استخدام شعاراتها البرّاقة المضللة، فبدل أن تستخدم شعار”موحدين من أجل السلام” ” كان ينبغي عليها أن تعترف بأنها أعادت توحيد الناتو من جديد من أجل خراب ودمار أوكرانيا، فهي تكدّس السلاح في أوكرانيا منذ سنوات لدفعها إلى أتون الحرب وليس السلام، وقد أجبرت الدول الأوروبية الخاضعة لها على حذو حذوها، ولا يمكن بطبيعة الحال لأحد أن يتشدق بالسلام ويداه ملطخة بدماء الأبرياء حول العالم، ومن أكثر من الولايات المتحدة شناً للحروب وسفكاً لدماء الشعوب بذرائع ومبررات كاذبة..؟!
ما زلنا نتذكر – وذاكرة العالم لم تمت بعد – كيف تحدّت واشنطن العالم في عام 2003 وغزت العراق ودمّرته وقتلت شعبه ونهبت خيراته بذرائع واهية اعترفت ببطلانها لاحقاً، ولم تأبه بكلّ شعوب ودول العالم التي تظاهرت رافضة ومنددة بالحرب، في حين ما زالت سورية والمنطقة تعاني من “ربيع” واشنطن الأسود ومن أياديها السوداء التي توزع الموت والخراب في كلّ مكان.
كيف يمكن للعالم أن يصدق أن أميركا داعية سلام وهي التي دمّرت يوغسلافيا وقسمتها، وغزت أفغانستان ثم سلمتها مدمرة لحركة طالبان، وكيف للعالم أن يتوحد خلفها وهي تدعم حروب الكيان الصهيوني العدوانية، وتصطنع الحروب والأزمات وتفرض الحصار والعقوبات الاقتصادية على كلّ من يناهض سياسات الهيمنة والعدوان..؟!
إذا كان للعالم أن يتحد من أجل السلام، فإن أول ما يجب أن يقوم به هو إيقاف الولايات المتحدة عند حدها ومنعها من التدخل في شؤونه لأنها أكثر من يغتال السلام، ولا مجال للسلام في العالم دون تعطيل قوى الشر والعدوان والحروب وفي مقدّمتها واشنطن!.
البقعة الساخنة – عبد الحليم سعود