يقول باتريك وينتور بعد تهديدها بزيادة حزمة العقوبات المفروضة على ايران، فإن واشنطن دخلت في محادثات مع عدد من الدول لتشكيل تحالف عسكري دولي لردع ما تسميه تهديد إيران للشحن البحري في منطقة الخليج العربي، وقال الجنرال البحري جوزيف دانفورد، رئيس هيئة الأركان المشتركة، إن الولايات المتحدة تمضي في خططها لتجميع التحالف بهدف ضمان حرية الملاحة في المياه قبالة إيران واليمن، وأضاف دانفورد: «إننا نشارك الآن مع عدد من الدول لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا تشكيل ائتلاف يضمن حرية الملاحة في مضيق هرمز وباب المندب، لذلك أعتقد أنه على مدار الأسبوعين المقبلين سنحدد الدول التي لديها الإرادة السياسية لدعم تلك المبادرة وبعد ذلك سنعمل مباشرة مع الجيوش لتحديد القدرات المحددة التي ستدعم ذلك».
هذه التطورات تأتي بعد استهداف عدة ناقلات نفط بالقرب من الخليج الشهر الماضي، حيث سرعان ما ألقت واشنطن وحليفتها المملكة العربية السعودية اللوم على إيران في الهجمات المشبوهة، حيث اتهمت إدارة ترامب إيران بالوقوف وراء هجمات على ناقلتين نفطيتين في بحر عمان دون تقديم أي دليل يدعم هذا الاتهام.
ورفضت طهران الاتهامات بتورطها ووصفتها بأنها لا أساس لها من الصحة، قائلة إن الحوادث في بحر عمان تبدو أعلاماً مزيفة هدفها تأطير إيران.
هذا وقد تصاعدت التوترات بين البلدين منذ قرار واشنطن في أيار من العام الماضي بالتخلي عن الاتفاقية النووية مع إيران لعام 2015 وإعادة فرض عقوبات عليها كجزء من حملة «أقصى قدر من الضغط» والتي تهدف إلى إجبار ايران على إعادة التفاوض على صفقة جديدة تتناول برنامجها الصاروخي وحضورها الإقليمي.
ووصلت التوترات بين واشنطن وطهران إلى مستوى جديد بعد أن أسقطت إيران طائرة استطلاع أمريكية من دون طيار في 20 حزيران الماضي بعد انتهاكها للمجال الجوي الإيراني، ومع ذلك، تصرّ واشنطن على أن الطائرة كانت تحلق فوق المياه الدولية، وقد انخرطت الولايات المتحدة في حشد عسكري كبير، بما في ذلك إرسال حاملة طائرات، وفرقة عمل للمهاجمين، وسفينة هجوم، وحوالي 1500 جندي إضافي إلى الشرق الأوسط.
وقالت طهران مراراً وتكراراً إنها لا تسعى إلى مواجهات عسكرية مع الولايات المتحدة، لكنها على استعداد للدفاع عن مصالحها، وتقول طهران إنها ليست مع تأجيج التوترات وهي تبقي الباب مفتوحاً أمام الدبلوماسية والمحادثات على الرغم من فشل أوروبا في مواجهة الضغوط الأمريكية ودعم التزاماتها بموجب الاتفاق النووي لعام 2015.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس موسوي الشهر الماضي إن البلاد لا تزال ملتزمة بالاتفاقية النووية لعام 2015، والمعروفة رسمياً باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، ولكنها تدافع في الوقت نفسه عن حقوق الأمة.
وأضاف «رغم أن إيران تتبع هذه الاستراتيجية، إلا أننا لم نغلق الباب أمام الدبلوماسية والباب مفتوح للمحادثات».
وجاءت هذه التصريحات في ذلك الوقت الذي كان فيه إيمانويل بون، كبير المستشارين الدبلوماسيين للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يزور طهران لإجراء محادثات مع المسؤولين الإيرانيين في محاولة لإنقاذ JCPOA وتخفيف حدة التوترات، وقد سبق هذه الزيارة لطهران زيارة أخرى للمسؤول الفرنسي ذاته منذ فترة ليست ببعيدة، من أجل إنقاذ الاتفاق النووي وتخفيف التوترات والحرب الكلامية التي اندلعت في أعقاب الانسحاب الأميركي الأحادي الجانب الأخير من الاتفاق وإعادة فرض عقوبات اقتصادية قاسية على ايران .
وكانت إيران قد قالت في البداية إنها ستبقى ملتزمة بالاتفاقية إذا تمكنت الأطراف الموقعة الأخرى – فرنسا وبريطانيا وألمانية – من ملء مكان الولايات المتحدة وتعويض العقوبات التي فرضتها واشنطن على إيران.
ولكن بعد فشل الأطراف الأوروبية في الوفاء بوعودها ، أوقفت إيران تنفيذ بعض التزاماتها بموجب الاتفاق على عجل لعدم قدرة الأوروبيين بالوفاء بمطالب إيران القانونية بموجبه.
وبدأت إيران في تخصيب اليورانيوم إلى أعلى من 3.67 حيث أخفقت أوروبا في تحديد موعد نهائي لتعويض آثار الانسحاب الأمريكي أحادي الجانب من الصفقة النووية. وفي مكان آخر في تصريحاته، شدد موسوي على أن طهران لا تسعى إلى تأجيج نيران التوترات، وأنه يتعين على الدول الأوروبية معالجة «السبب الجذري للتوترات» إذا كانت تسعى حقاً إلى تهدئة الوضع.
وأضاف «إن الانسحاب غير القانوني الأحادي الجانب من الاتفاق النووي الذي أعقبته عقوبات واسعة – هي أمثلة على إجراءات الولايات المتحدة ضد الأمة الإيرانية، والتي نعتبرها مجرد إرهاب اقتصادي وحرب اقتصادية»، كما رحب موسوي بجهود فرنسا لإبقاء الصفقة الإيرانية في مكانها، لكنه قال إن هذه الجهود جزء من التزامات باريس كطرف في JCPOA.
وقد أجرى بون وقتها محادثات مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي (SNSC) علي شمخاني أثناء إقامته في طهران مع تسريع الأوروبيين للجهود المبذولة لإنقاذ الاتفاق النووي مع إيران.
وتماشياً مع نفس الجهود ، قام وزير الخارجية الألماني هايكو ماس بزيارة إلى طهران الشهر الماضي أيضاً.
ووقتها دعا وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا، بالإضافة إلى رئيس السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، لعقد اجتماع عاجل للجنة المشتركة JCPOA لحل النزاعات بموجب الاتفاق، لمعالجة قضايا الامتثال هذه في إطار JCPOA ، وعلق موسوي كذلك على الاجتماع الطارئ الذي طلبته الولايات المتحدة لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية المؤلف من 35 دولة بشأن إيران، وانتقده على أنه «مفارقة مريرة» لأن واشنطن نفسها انتهكت بشكل صارخ JCPOA.
ومع ذلك ، فإن هذا الحدث وفّر لإيران فرصة جيدة لتوضيح انتهاكات JCPOA من قبل الأميركيين والأوروبيين أنفسهم، حيث قال وزير الخارجية محمد جواد ظريف إلى الإجراءات الانتقامية الإيرانية في مواجهة خروج واشنطن، وأكد أن إيران تمارس حقها بموجب خطة العمل المشتركة، لكن الجانب الآخر كان ينتهك الصفقة.
وقال إن الأمر متروك للاختصاصيين الأوروبيين لحل القضايا التي يسببها انسحاب واشنطن، والمشكلة هي أن الأوروبيين أنفسهم يفتقرون إلى الاستعداد لدفع ثمن أمنهم، ومشكلتهم الرئيسة هي الولايات المتحدة التي انسحبت من JCPOA.
ورفض كبير الدبلوماسيين الإيرانيين كذلك إمكانية إجراء مفاوضات تحت الضغط، قائلاً: «يجب أن تتوقف الضغوط والحرب الاقتصادية والإرهاب الاقتصادي ضد الأمة الإيرانية، عندها نجري محادثات حول JCPOA».
عن الغارديان البريطانية
ترجمة: غادة سلامة
التاريخ: الجمعة 12-7-2019
الرقم: 17022