الملحق الثقافي-شعر: د. ثائر زين الدين:
مشهد 1
صَعَدوا الحافِلةْ
فتَّشونا
تَمَلَّوا وجوهَ النساءِ… الرجالِ،
بطاقاتِهمْ،
وبفوَّهّةِ البندُقيّةِ نَبَّهَ أطولُهم لحيةً
مرأةً غافلةْ:
أصلحي فوقَ رأسِكِ هذي الملاءةَ!
ثُمَّ تعالى صراخٌ فتىً
سحبوهُ كما تُسحبُ الشاةُ:
عنديَ طفلانِ
وامرأتي حاملٌ / يتوسَّلُ/
لم أؤذي عصفورةً…
ما حملتُ السلاحَ على أحدٍ…
لم يقودُهُ أبعدَ من خطوتينِ،
بكى…
انكبَّ فوقَ مداساتهم…
ضحكوا وأشاروا لسائقنا أن يسيرَ،
وكبَّرَ قائدُهم، ثُمَّ ضَجَّ الرصاصُ.
بكت جارتي.
وعلا صوتُ شيخٍ:
إلى أينَ تأخُذُنا هذهِ السافلةْ!؟
دمشق 2013
مشهد 2
إلى روح الطفل وسيم
كان اسمُهُ وسيمْ
تعرِفُهُ الحارةُ من غَمَّازتينِ
تبسِمانِ فجأةً إنْ وَضَعتْ مُحسنَةٌ في كَفِّهِ
«عروسَةَ الزَّعترِ»،
أو فنجانَ شايٍ ساخِنٍ…
تَرتَجِفانِ قبلَ أنْ تنهَمِرَ الدمعَةُ
إنْ صَاحَ بهِ غليظُ قلبٍ عابرٌ…
كانَ اسمُهُ وسيمْ
يعرِفُهُ الرصيفُ من وقعِ حذاءٍ
باهتٍ قديمْ؛
تَركةٍ خَلَّفَها الوالدُ ما بينَ ركامِ منزلٍ،
أحالهُ القَصفُ إلى جَحيمْ،
تَركةٍ لا تدفَعُ البردَ ولا الطينَ،
وتُمسي لُعبَةً مُضحِكةً لصبيةِ الحيِّ؛
يعودونَ من الدرسِ
إلى نعماءِ بيتٍ دافئٍ…
هذا الصباحَ لمْ تجدْ دوريّةُ الجنودِ
إلَّا كيسَهُ… حِذاءَهُ الوفيَّ قُربَ جُثَّةٍ
أكلها الدودُ، وغَطّى ما تبقّى
ألفُ سربٍ من ذبابٍ أزرقٍ
يحومْ.
دمشق 4/12/2016
مشهد 3
طفلتانِ تنامانِ فوقَ بلاطِ الرصيفْ
توسَّدتا حُزمتي ورقٍ
ورمتْ فوقَ جسميهما جارةٌ
قطعةً من دثارٍ قديمٍ خفيفْ
يمرُ المشاةُ بقربِهما مُسرعينَ
ويخشى التوقّفَ سِربٌ من السيّداتِ الحِسانْ!
طفلتانْ
كزنبقتينِ
يرفرفُ حولهما حُلمٌ كالفراشةِ:
أمٌ تُعدُّ الفطورَ… تناديهما
وأبٌ أشَعَلَ الآن مدفأةً؛ تهدرُ النارُ فيها
ومازالتا تغرقانِ بدفءِ فراشٍ وثيرٍ
وأغطيةٍ من فراء وصوفْ!
12/11/2018
التاريخ: الثلاثاء30-7-2019
رقم العدد :17037