قتيبة الشهابي : أنا مؤرخ يلهو بالطب..* لا تتذكرون المبدع إلا حين يموت ..الكاميرا لا تخطئ والكتاب ليس محايداً
ثورة أون لاين:
لقاء الأسبوع
الاحد 10/12/2006
حوار: ديب علي حسن-
قتيبة الشهابي .. اسم ما إن يتردد حتى يقفز الى الذهن شريط طويل من العطاء اللامتناهي, تقفز الى الواجهة أوابد دمشق, ازقتها شوارعها,
صروحها المعمارية الخالدة تتراءى امامك لوحة لا تستطيع ان تحدها او ان تقف عند نهاية لها, فالرجل في قمة العطاء وان كان قد بلغ السبعين من العمر وتجاوزها ا لى الثالثة بعد السبعين.. كل يوم يفاجئك انه نبع ثر يعطي بلا حدود, لا يسأل عن الشارب ولا عن الذين قد يلقون الحصى في مجرى النبع ان لم يحسنوا التقدير.
قتيبة الشهابي كنت اظنه شيخاً طاعناً في السن غارقاً في مجلدات تاريخية تزينها ( عين الكاميرا) لم يكن يخطر في بالي انه طبيب اسنان, نعم طبيب اسنان, واليد المبدعة لا تقف عند مهنة الحياة, بل تتجاوز مهنة العمل الى الابداع في مجال آخر .. قتيبة الشهابي.. الطبيب, المؤرخ الباحث.. الرسام.. الشاعر الذي حطم قلمه بعد أول خفقة قلب وبعد ان كان الصيد.. القاص الذي غادر لغة ( الحكي) الى لغة اخرى بعد ان نال جائزة في القصة.. المصور الذي خبر لغة الصورة وابدع فيها .. قتيبة الشهابي لم نتذكره إلا مؤخراً وان كنا لم ننسه لكننا آثرنا ان يكون حوارنا معه دافئا متدفقاً, توقعنا ان تكون الكآبة والصمت عنواناً يلف وقته بعد ان سمعنا بمرضه لكنه كان الاكثر حيوية وشبابا و أملاً.
ومن بساتين كتبه ورياض مؤلفاته, قطفنا ورداً جورياً .حملناه الى من احب دمشق الشام وأرخ لها,عله يبث الامل ويبعث التفاؤل في قلب وجسد من هدّه المرض, واتعبه طول العلاج لكن .. ورغم ذلك ما ان دخلنا منزله حتى بادرنا قائلاً: لماذا لا تتذكرون المرء إلا عندما يحين أجله, فكان جوابنا , العظماء لا يموتون ومن نذر حياته لتأريخ بلاده, لا يمكن ان يهمله التاريخ, وسيبقى ذكره واسمه خالداً مع كل باب وسوق ومئذنة وزخرفة ومشيدة وضريح كتب عنه في دمشق, كلامنا هذا طمأن الدكتور قتيبة الشهابي فحول بحيويته ودماثته وخفة ظله لقاء العمل الى جلسة بساط أحمدي وشجعنا ان نفتح معه دفاتر الذكريات .
حياة وذكريات
حياتي كتابي مفتوح, ليس لدي اي اسرار أخفيها هكذا بدأ د.الشهابي حديثه, ففي الشام ولد ,1934 وكان جده (قمائمقام) في قطنا ريف دمشق أما أبوه فيحمل الجنسيتين السورية واللبنانية ومازالوا يمتلكون منزلا في جنوب لبنان حتى اليوم , لكن العدو الاسرائيلي لم يبق من بيتهم الحجري الجميل إلا الجدران فقط, حتى الاشجار المعمرة المحيطة بها قطعها بأكملها, لكنه لن يفرط به ابداً, ويبقى جرح لبنان جرحنا وتبقى الشام وبيروت في البلوى معا مهما نعق الناعقون .
من المهنة الإنسانية الى العالمية
مؤهلي العلمي: دكتور في جراحة الاسنان, وقد درست دراسات عليا في طب الاسنان بلندن في انكلترا, واحمل شهادة اختصاص في مداواة الاسنان كنت عضواً للهيئة التعليمية في كلية طب الاسنان بجامعة دمشق 1963-.1994
ورغم كل الشهادات التي أحملها,لم تكن لي رغبة في البدء بالطب, وبقيت شهراً كاملاً أبكي , لأنني لم افهم في الكلية ولا كلمة, لكني امتلك – والحمد لله – ارادة صلبة, حتى ان زوجتي تلقبني ب( السوبرمان) ارادتي الحديدية هذه جعلتني ادرس واتابع لا بل اتفوق ومرضاي يشهدون على ذلك .
* كيف اذاًَ بدأت حكايتك مع أوابد دمشق تصويراً وتوثيقاً?
حتى اصبحت باحثاً في التراث التاريخي والأثري ليس لدمشق فقط بل لسورية والتاريخ الاسلامي?
مغرم تصوير وعاشق للكاميرا
منذ صغري -أي عندما كنت طفلاً عمري عشر سنوات أحببت الكاميرا, و أول واحدة اقتنيتها في تلك السن كانت قيمتها ورقة سورية واحدة, لدي في مرسمي متحف للكاميرات بمختلف أنواعها, بدأت كهاوٍ ثم اصبحت محترفاًَ, أما كيف أصبحت باحثاً في التراث التاريخي والاثري, فالحكاية بدأت عام 1958 عندما كلفتني د. نجاح العطار بالبحث التاريخي وهنا أود أن أذكر ان مؤرخينا, من ابن عساكر وان كنت لا اعتبره مؤرخاً, وانما واضع خطط لدمشق, حاراتها.. ازقتها.. فهو وسواه, كابن شداد وابن عبد الهادي لم يرصدوا مخطط المدينة ولم يذكروا المواقع ولو بشكل تقريبي, فهناك فرق بين ان توثق , وان توثق وتصور بعدستك كمؤلف من خلال بحث ميداني, والمؤرخ يمكن ان يخطئ وقد يكذب او يكتب عكس قناعاته واحياناً يفرض عليه ان يكتب بهذا الاتجاه او ذاك , اما الكاميرا فلا يمكن ان تكذب او تخطئ, الصورة لها خصوصيتها اذ تجعل التوثيق اكثر مصداقية ونحن اليوم في عصر الصورة, او بالأحرى ثقافة الصورة, التي اصبحت تعبر وتتكلم وتلعب دوراً كبيراً في بيان الحقيقة, وانا شخصياً احترم الصورة اكثر من أي كتاب, ثم ان التصوير بالابيض والاسود له جوه الخاص ونكهته, ففي عصر الديجيتال لا يوجد حماية للصورة كم كنت اتمنى لو ان الكاميرا كانت معي عندما حدثت مجزرة البرلمان 1945 في العدوان الفرنسي على سورية حتى انقل ذلك المنظر الشنيع الذي لن انساه ما حييت .
* ذكرت في كتبك ان هناك صعوبات واجهتها اثناء عملك التوثيقي هلا ذكرت لنا بعضاً منها?
** اولها واهمها,مصادر المعلومات فهي قليلة جداً وغير كافية فبعض المؤرخين تقصدوا ألا يذكروا أحداثاً معينة لغاية في انفسهم, مع ان تاريخنا لا يكتبه إلا المنتصرون, ففي كتاب رواد الطيران العرب مثلا, بحثت في المصادر العربية فلم أجد سوى بحث يتيم للسوداوي عبد الحميد حاولت ان ابحث في المصادر الاجنبية فلم تسعفني لأنها كانت غاية في الشح, ولم تعترف بأن العرب كان لهم الريادة والفضل في اكتشاف الطيران, وان منهم من دفع حياته ثمناً غالياً من اجل ذلك , كعباس بن فرناس, وانما يعتبرون ان لهم السبق في هذا المجال, وانهم اول من اكتشف الطيران .
* هل نستطيع ان نقول ان حبك للتوثيق والتصوير فاق حبك للطب?
** نعم بكل تأكيد فقد وجدت نفسي في التوثيق وتخصصت في لندن بالتصوير الضوئي (الفوتوغرافي)العلمي والمجهري والفني اضافة الى طب الاسنان, واقمت معارض تشكيلية وضوئية وفنية عدة داخل القطر وخارجه, وشغلت منصب ( مستشار وزير السياحة) 2000-2003 وخبير ثقافي الوزارة نفسها عام 2005 حصيلة عملي كانت 29 مؤلفاً, 17 منهم في مكتبة الكونغرس وهذا برأيي وصول للعالمية.
من ملامح الطفولة
ملامح الطفولة غنية بالتفاصيل وقد لا تكون حاضرة بشكل دائم ولكنها في كثير من الاحايين تأتي وكأنها ينابيع الربيع, بعد ان كانت ينبوعاً دائماً, والآن تشظت وصارت ينابيع عديدة ولكن لا بأس ان نقف عند بعض ملامحها ولا سيما اثناء المرحلة الابتدائية.
لم أكن متميزاً
أثناء المرحلة الابتدائية كانت دراستي في مدرسة (دوحة الادب) وكان ذلك اثناء الاحتلال الفرنسي, وقد تم تأسيس هذه المدرسة رداً على المدارس الفرنسية آنئذ, وكان اساتذتها عرباً, اذكر ان مديرتها كانت ( عادلة بيهم) وكانت صارمة وحازمة مع ذلك كانت حنونة, وقد درستني السيدة امل الجزائري, واللافت ان عدد البنات كان (30) بنتاً والشباب (4).
من زملائي في تلك المرحلة الموسيقار الكبير حلمي الوادي وكانت علاقتي معه اكثر من حميمية, أسست واياه ما يشبه الجمعية لمحاربة البنات, وكانت السيدة امل الجزائري تقول لي:
سننتظرك حتى تكبر بعد 15 عاماً, ونسأله: هل صدقت فيجيب: نعم..نعم. ويضيف لم أتأثر بصلحي الوادي كموسيقي وعندما ارسلت أولادي اليه ليتعلموا الموسيقا ردهم الي قائلاً: (هؤلاء خرج ا يشكلوا فريق كرة قدم..).
ونسأله : أين أولادك الآن..? فيجيب بالأسى والحزن انهم في امريكا. انني اكره امريكا فهي ليست جميلة, وقد قلت ذات مرة, ابشع القرى الاوروبية اجمل من أي مدينة امريكية, ولذلك لم يعطوني التأشيرة لزيارتها..
* وماذا عن المرحلة الاعدادية?
** حدث ولا حرج اختلفت الامور وقد استهوتني المطالعة في تلك المرحلة وبدأت بكتابة القصة واود ان اشير الى انني فزت بمسابقة اجرتها مجلة ( عصا الجنة) لصاحبها الاديب المرحوم (نشأت التغلبي) وكان اشتراكي بقصة لم اكتب بعدها قصة.
شهدت مجزرة البرلمان..
ومن جعبة الذاكرة يقف د. قتيبة الشهابي عند المجزرة المروعة التي ارتكبها الفرنسيون بحق حماية البرلمان السوري يقول: كان بيتنا مقابل بستان الرئيس حيث كان منزل الرئيس شكري القوتلي وكان آنئذ مريضاً, وكان ابنه حسان زميلي, ركبنا سيارة سوداء وذهبنا الى البرلمان لقد رأيت منظراً لا انساه ما حييت جثثا متفحمة, رؤوساً مقطوعة, مقاعد محطمة ديكورات مهشمة وكان عمري آنئد بحدود 15 عاماً.
الثانوية الأدبية وطب الأسنان
ومن المفاجآت التي حملها الينا د. قتيبة الشهابي ان أباه لم يسمح له أن يدرس الحقوق وكان الوالد محامياً ولكن المفاجأة الكبرى كانت عندما اعلن انه دخل طب الاسنان بعد ان نال الشهادة الثانوية الفرع الادبي, وهنا اسأله : ألا تخاف ان تطلب منك وزارة التعليم العالي ان تعيد الثانوية بالفرع العلمي لتعترف بشهادتك, .. فيرد ضاحكاً وزوجتي الاستاذة الجامعية في طب الاسنان جراحة تجميل الشهادة الثانوية الفرع الادبي.
وكان ذلك مسموحاً للفرع الادبي.
سوبرمان يسعى لتحقيق اهدافه..
وحين نسأل السيدة زوجته عن العلاقة مع المبدع يقول قتيبة بادئا : انها تقول عني (سوبرمان ) لأنني اتحدى المصاعب والمرض والمعاناة وتكمل زوجته الدكتورة : انه طبيب ناجح ومتميز ومبدع ولكنه لا يسعى إلا لتحقيق اهدافه, لا يعمل في البيت شيئاً انه اتكالي, لكنه يرد ضاحكاً: ألا اساعدك الآن في (جلي الصحون..) فترد هي: نعم بعد مرضك .. وتضيف : انه مثال الانسان الذي نذر حياته للعلم والمعرفة لم يثنه شيء عن ممارسة مهنته بكل نبل واخلاص وعمل من اجل الثقافة العربية لقد زاوج بين الطب والابداع وكان الابداع صوراً ملونة وجميلة يغني عمله الطبي, والعكس صحيح فهو الطبيب والمؤرخ والمصور المبدع اقانيم متماهية
دمشق عاصمة للثقافة العربية عام 2008م
اسأله عن الاستعداد للاحتفاء بدمشق كعاصمة للثقافة العربية عام 2008م فيقول : علينا ان نحشد الطاقات كافة وان نعمل منذ الآن لهذا ا لحدث الكبير والهام, وحذار ان يتم الاعتماد على اصدقاء جمعية دمشق فهؤلاء لم يقدموا لدمشق شيئاً على الاطلاق فقط يحسنون السهر والزيارات ولا شيء سوى ذلك .. وهنا تضيف زميلتنا فادية مع ان الجمعية قد اشهرت عام 1944 م وهم الآن مطالبون بأن يقوموا بالكثير الكثير, لا اظن ان – المحرر- المسؤولية تقع على عاتقهم وحدهم فيما قدم دمشق وما لم يقدم من حيث الحفاظ على تراثها فالمسؤولية تطال الجميع ولا أحد خارج دائرة المسؤولية فيما مضى وما هو قادم لا سيما الاحتفاء بدمشق عاصمة للثقافة العربية سنة 2008م.
أما مستقبل الثقافة العربية فيراه غامضاً وقاتما اذا لم نحسن توظيف ما لدينا من طاقات ابداعية, وبالوقت نفسه اذا لم تحسن وضع الخطط والاستراتيجيات والقدرة على تسويق ابداعنا والعمل من اجله عالمياً فالامر لم يعد محليا بل لا بد من التواصل مع الثقافات العالمية كلها و الاخذ منها والعطاء والتأثير والتأثر المتبادل بمعنى آخر التبادل الفعال والبناء.
مكتبتي الشخصية إرث أعتز به ..
توقفنا مع د. قتيبة حول مصير مكتبته الشخصية وسألناه: بعد عمر مديد لمن ستؤول مكتبتك .. فرد قائلا.. لا اعرف اي مصير ينتظرها, مكتبات كثيرة ذهبت ادراج الرياح, مكتبات اخرى اهديت للمكتبة الوطنية.. ابنائي ليسوا هنا, ولا اظن انهم سوف يستفيدون منها, على كل حال لقد شغلتم بالي بهذا السؤال لم افكر بعد في مصيرها.
بل مؤرخ
وعندما نسأل ضيفنا اين يجد نفسه فيقدم ما قاله ( روبنس) سفير بريطانيا بباريس, وكان فناناً شهيرا, اذ سئل من قبل أحد الصحفيين : هل يلهو سيدي السفير بالرسم ? فأجاب : لا ولكنني الهو بالسفارة وانا اقول : نعم انا المؤرخ يلهو بالطب ولست طبيبا يلهو بالتاريخ, الطب زادي المادي, والتاريخ زادي المعنوي.
نعيش عصر التيه…?
وحين نسأله: لماذا لا يعترف الغرب بابداعنا, يجيب نحن لم نقدم انفسنا للآخر بشكل جيد على الاطلاق نقلنا خلافاتنا واحقادنا الى الغرب حيث حللنا ليس لدينا خطط ولا استراتيجيات ولا وسائل اعلام تخاطب الآخر, اننا نعيش عصر التيه..
الرحالة العرب لم ينصفوا دمشق
ويرى ان الرحالة العرب بدءاً من ا بن بطوطة ووصولاً الى من شئت منهم لم يكونوا منصفين في وصفهم لمدينة دمشق, بل اقول ان الرحالة الغربيين هم من انصفها ولا سيما الفارس دارفيو واشير الى ما قاله الشاعر لا مارتين عندما زار دمشق ومر في خان اسعد باشا وقال : ان امة تملك مهندسين يبنون مثل هذا الصرح لهي امة جديرة بالحياة.
لا أخاف الموت ..
وحين نسأله بخجل عن مرضه : يجيب لقد قهرت هذا المرض الخبيث اللعين, ولست آبها به على الاطلاق ولا اخاف الموت لقد واجهت الآلام بالعمل والامل, وسأعمل دون كلل او ملل, لا يعنيني ما انا به سوى انه يعيقني عما اريد تنفيذه, وما اكثر ما لدي من طموح وما أقل ما حققت من هذا الطموح. ولست نادماً على الطريق الذي اخترته في حياتي على الاطلاق لقد كان مثمراً واعتز بما قدمته واتمنى لو يمتد بي العمر لأنجز الكثير مما لدي.
***
من مؤلفاته
1- معجم مصطلحات طب الاسنان (انكليزي – عربي)
2- المعجم الطبي للجيب
3- اربعة كتب جامعية
مؤلفاته التاريخية والاثرية والتراثية المنشورة (21مؤلفاً) منها: 1- دمشق تاريخ وصور 2- هنا بدأت الحضارة (سورية تاريخ وصور) 3- أسواق دمشق القديمة ومشيداتها التاريخية 4- مآذن دمشق (تاريخ وطراز) 5- معجم ألقاب أرباب السلطان في الدول الاسلامية 6- مشيدات دمشق ذوات الاضرحة وعناصرها الجمالية 7-معالم دمشق التاريخية 8- ابواب دمشق واحداثها التاريخية 9-زخارف العمارة الاسلامية في دمشق
10- النقوش الكتابية في اوابد دمشق 11- دمشق الشام في نصوص الرحالين والجغرافيين العرب والمسلمين.
12- طريف النداء في دمشق الفيحاء. 13- صمود دمشق امام الحملات الصليبية.
14- معجم دمشق التاريخي 15- الطيران ورواده في التاريخ الاسلامي 16- نقود الشام 17- عباقرة واباطرة من بلاد الشام
18- أديرة وكنائس دمشق وريفها 19- أضرحةآل البيت والمقامات الشريفة في سورية (بالعربية والفارسية)
20- معجم المواقع الأثرية في سورية 21- تاريخ ماأهمله التاريخ …
***
يوم اهتز سريري..
ويقف ليفتح صفحة جديدة في الطريق الى معرفة زوجتة فيقول كنت نائماً حين ايقظتني امي لتقول : انهض الآن سوف يذيعون في الراديو اسماء المقبولين في طب الاسنان, وكانوا يفعلون ذلك آنئذ فنهضت من نومي وحين ذكر اسم من سوف تصبح زوجتي فيما بعد اهتز بي السرير اذ شعرت برعشة تسري في جسدي سألتني أمي قائلة : باسم الله .. ما لك ..? فقلت لا ادري يا امي ولكن اظن انه سيكون لهذا الاسم علاقة في حياتي المستقبلية وكان ما كان , وقد رويت لكم كيف تم التعارف.
***
أول دقة قلب
* من عشقك للكاميرا ننتقل كفاصل منشط الى العشق الحقيقي لتحدثنا عن الحب الاول, وأول دقة قلب .?
** أحببت مراهقا ابنة الناطور الذي كان يعمل في ارضنا, كانت جميلة جدا,لكن حبي الحقيقي كان لزوجتي التي التقيتها في كلية طب الاسنان وكتبت فيها قصيدة كانت اولى محاولاتي التي لم اكررها, وكانت رداً على رسالة ارسلتها الي بعنوان اكرهني فإنني احبك فأحببتها. من بعيد لوحت لي بيديها
وسرى الدمع دماً في مقلتيها
وسرى قلبي من الشوق اليها
فطواه أليم اذا غار عليها
* كرمت القارئ العربي بما قدمت له من مؤلفات وكنوز ثمينة هل حظيت انت بأي تكريم ?
** للأسف لم تكرمني اي جهة, وكالعادة لا أحد يتذكر المبدع إلا عندما يموت, او يشرف على الموت.
* هل تخشاه -اقصد الموت ?
** لا أخشى الموت وبرأيي انه لا يقهر إلا بالابداع وهذا ما يدفعني للعمل اكثر فأكثر, فمنذ اصابتي بالسرطان, لم أتوقف عن العمل, ولا زلت اتابع مشروعي التوثيقي واصدر الكتب, وانا الآن عضو هيئة تحرير في مجلة السائح الصادرة عن دار المساعدة السورية بدمشق واكتب فيها مقالات متميزة, الموت بالنسبة لي يقظة.
و الامل: شعور بالاستمرار
الكتاب: خير جليس
الشيخوخة: خبرة ووقار
الشباب: ألاليته يعود وهنا يحضرني قول
مارك تويني ما أكثر ما كنت اريد ان اصنع وما اقل ما صنعت