الملحق الثقافي:سلام الفاضل :
يعد الأديب عبد الرزاق جعفر شخصية مهمة كان لها دور بارز وفاعل في الأدب عامة، وأدب الأطفال بصورة خاصة، كما أنه شخصية غنية بالعلم والمعرفة، سخّرت كل جهدها ووقتها من أجل الثقافة والعلم. والكتاب الشهري لليافعة (عبد الرزاق جعفر)، تأليف: سراج جراد، الذي صدر مؤخراً ضمن سلسلة «أعلام ومبدعون» عن الهيئة العامة السورية للكتاب، يتناول بين دفتيه الغوص في حياة هذا العَلَم الفكري منذ نشأته الأولى في مدينة دير الزور السورية، وحتى انتقاله إلى مدينة دمشق، وما رافق ذلك من أحداث عاشها هذا الأديب، إلى جانب تقديم عرض شامل لأبرز ما أنجزه من مأثورات وكتب اهتمت بالكبار والأطفال.
المولد والنشأة
ولد عبد الرزاق جعفر في مدينة دير الزور في البادية السورية، ومنذ أن أبصرت عيناه النور كانت مكتبة عائلته منهلاً زاخراً بمئات الكتب العلمية والأدبية والثقافية، فكان أن قرأ جعفر في مرحلة الدراسة المتوسطة المنفلوطي وطه حسين وتوفيق الحكيم، وهوغو وديكنز وغيرهم. ونشر حين كان في الصف العاشر قصة حملت عنوان (اخرج أيها الشيطان) أحدثت ضجة في مدينته، ثم تابع لاحقاً النشر في بعض الصحف المحلية والعربية، وبدأ في إرسال القصص إلى بعض محطات الإذاعة فأذيع بعضها، ورفض بعضها الآخر.
حصل ابن الفرات عبد الرزاق جعفر في عام 1957 على الإجازة في التربية من كلية التربية في جامعة دمشق، ثم حاز درجة الدبلوم العامة في التربية من الكلية ذاتها عام 1962، والدبلوم الخاصة في التربية حول موضوع المرأة والتعليم في سورية عام 1978، ثم درجة الدكتوراه في علوم التربية من جامعة (كان) بفرنسا.
عمل عبد الرزاق جعفر مدرساً لمواد التربية وعلم النفس وعلم الاجتماع وعلم الاقتصاد في دور المعلمين والمعلمات في سورية منذ العام 1957. انتخب في عام 1970 عضواً للمكتب التنفيذي لنقابة المعلمين، ثم تسلم لاحقاً رئاسة تحرير مجلة «صوت المعلمين». شارك في العام 1992 في دورة لإعداد وإخراج برامج الأطفال في التلفزيون العربي السوري، وهو عضو في اتحاد الكتّاب العرب، وعضو في جمعية القصة والرواية، وعضو في جمعية أدب الأطفال، وله العديد من المؤلفات، نذكر منها: (الحكاية الساحرة عام 1985 – الطفل والثقافة عام 1986 – أسطورة الأطفال الشعراء عام 1992 – المجموعة القصصية «حمدان» عام 1982…) وغيرها الكثير.
صديق الطفولة
سخر عبد الرزاق جعفر منذ بداياته أدبه وقلمه وحياته للأطفال، وتفرغ تفرغاً تاماً لهذا الأدب، وترك موروثاً كبيراً منه؛ والمتتبع لإبداعات عبد الرزاق جعفر في هذا الميدان يلاحظ أن جميع نتاجاته تتلاقى في عشقه لاحتضان الطفولة كلمة ومعنى، كما أن قصصه التي توجه من خلالها إلى الأطفال تمتاز بالتنوع في الأسلوب، والسهولة في التعبير، والوضوح في الرؤية، والغاية من القصة، والخاتمة المناسبة التي تساعد الطفل في استخلاص العبرة والفائدة منها. فالطفولة عند عبد الرزاق جعفر كانت هاجساً وأمانة، وصناعة الطفل بالنسبة إليه، وتنشئته النشأة العلمية النفسية الصحيحة، كانتا كفيلتين أن تجعلا من هذا الطفل، ومن مجتمعه، جيلاً واعياً مدركاً قادراً على النهوض بأعباء الأمة.
الأديب الناقد
اهتم الدكتور عبد الرزاق جعفر بالدراسات والأبحاث النقدية التي تتعلق بأدب الطفل، وانطلق في كتاباته وأعماله تلك من البعد النقدي، والأسس النقدية، والقواعد المرنة والتوجيهات للأدباء عامة في أثناء كتابتهم للأطفال. فجعفر يرى أن الفرق بين الكتابة للطفل والكتابة للآخرين؛ هو أن الكتابة للطفل فيها صعوبة، ولا يستطيع أي إنسان أو كاتب أن يتوجه إلى الأطفال. فكاتب أدب الطفل – من وجهة نظره – يجب أن يكون ملماً بمبادئ علم النفس العام، وعلم نفس الطفل، وأسس تربيته، إضافة إلى الثقافة الواسعة المستمدة من بقية العلوم والفنون، فضلاً عن معرفة هذا الأديب للطفل وحاجاته، وقدرته الإصغاء إليه كي يستمد منه الموضوعات، ويضيف إليها مما عنده من خيال، ومشاعر، ومغامرات.
توفي عبد الرزاق جعفر بعد أن اشتد عليه المرض في يوم الثلاثاء 29 تشرين أول 1997، ودفن في مسقط رأسه، في مدينة دير الزور، بعد حياة حافلة بالبحث والإبداع، تمخض عنها الكثير من الدراسات، والكتب، والنتاجات الإبداعية.
التاريخ: الثلاثاء1-10-2019
رقم العدد : 967