مؤتمر التطوير التربوي.. رؤيـــة وطنيـــة مســــتقبلية …بناء المناهج ينطلق من مصلحة الوطن والفهم الانساني العميق للحياة

أوراق علمية وأبحاث تربوية وصلت لأكثر من 86 بحثا تناولت كل ما يتعلق بالمؤسسات التعليمية على مستوى سورية من مرحلة رياض الأطفال وصولا إلى الدراسات العليا بهدف الوقوف على متطلبات المرحلة الحالية والارتقاء بجودة التعليم في ظل تحديات القرن الحادي والعشرين، إضافة إلى واقع التعليم المهني والتوجهات الدولية المعاصرة في مجال الطفولة المبكرة. والتعليم البديل في سورية وربطه مع التعليم الرسمي وسياسة التوجيه وآفاق تطويرها. وعشرات العناوين والمداخلات والمناقشات ضمن مؤتمر التطوير التربوي الذي أقامته وزارة التربية بالتعاون مع وزارة التعليم العالي تحت عنوان رؤية تربوية مستقبلية لتعزيز بناء الإنسان والوطن.
مقترحات عالية المستوى
أكد الدكتور سعيد خراساني معاون وزير التربية لشؤون التعليم المهني والتقني على ضرورة حل مشكلات التعليم التي ظهرت خلال فترة الأزمة من ارتفاع نسب التسرب المدرسي والانقطاع عن متابعة التعليم لفترات طويلة، مشيرا إلى البرامج التعليمية البديلة المطبقة في سورية لمن فاتهم فرص التعليم مثل مناهج الفئة ب التي أعدتها وزارة التربية للمواد الأساسية وذلك بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» والذين تتراوح أعمارهم بين 8 و15 عاماً.
وتحدث الدكتور رياض طيفور معاون وزير التعليم العالي لشؤون الطلاب حول أهمية فرص العمل في الإقبال على التعليم المهني من خلال مقارنة بسيطة بين المعاهد التي كانت ملتزمة بالتوظيف والمعاهد غير الملتزمة، مشيرا إلى أنه ليس لدينا قواعد بيانات حول سوق العمل ولا يوجد خارطة لاحتياجات التعليم المهني ولا يوجد ضوابط لتوظيف العمالة في معظم المنشآت. مؤكدا على ضرورة رفع نسبة التعليم المهني، ومتابعة تطوير مناهج هذا التعليم والارتقاء بالعملية التدريبية والتنسيق بشكل دائم مع سوق العمل، ورفع نسبة المقبولين الأوائل في الكليات المماثلة، وجعل التعليم المهني تعليماً إنتاجياً وتحفيز الطلاب للالتحاق بالتعليم المهني وإحداث هيئة مختصة بمنح تصاريح لمزاولة المهنة والعمل على إحداث تشريعات ملزمة لتجديد الكوادر البشرية.
تحفيز لدراسة المهني
فراس زكريا مدير عام التدريب المهني في وزارة الصناعة يرى أن مفهوم التدريس المهني يجب أن يكون مقبولا اجتماعيا، من خلال ثقافة مجتمعية تشجع الإقبال عليه والإبداع فيه. وهذا يحتاج إلى عمل وتحفيز وإعطاء امتيازات مناسبة تنطلق من دراسة دقيقة لسوق العمل والتركيز على المهن التي تخدم حاجاته لتكون مفيدة ورائجة للطرفين. وخاصة أننا مقبلون على مرحلة إعادة الإعمار وبالتالي لابد من التركيز على مهن تناسب الظروف الحالية.
وأوضح زكريا: أن التدريب المهني والدراسة تبدأ في وزارة الصناعة من مرحلة ما بعد الصف التاسع يعني قبل الثانوية العامة، حيث يدرس الطالب المهن التي تناسبه للحصول على فرصة عمل، ولكن حتى هذا الأمر يحتاج إلى محفزات أكثر مثل تقديم ترخيص أو قروض بدون فائدة لإحداث باكورة عمل للخريج، وقبول الطلاب المتفوقين في هذه المدارس المهنية في اختصاصات جامعية مماثلة لدراستهم، وما يرافق ذلك من ضرورة إدخال تحديثات معرفية وتعديلات على الخطط الدرسية تضاف إلى المنهاج الذي يعتبر ثابتاً لكل مهنة ،هذا التطوير يأخذ بعين الاعتبار بالمادة العلمية.
معايرة للتوجيه والتربية
المشاركون في المحور الثاني تناولوا أساسيات التوجيه في نظام التعليم السوري بين الواقع والطموح وآفاق تطويرها بما يلبي متطلبات التطوير التربوي، والارتقاء بجودة التعليم ومتطلباتها ضمن مفهوم جديد للجودة وتطبيق معاييرها على مكونات العملية التعليمية، وتحدث الدكتور أصاف أبو لطيف حول الثقافة التنظيمية الإدارية ودورها في تحسين جودة الأداء الإداري للعاملين في وزارة التربية، وتطوير آليات انتقاء القيادات التربوية ودور المنظمات الأهلية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة إضافة إلى توظيف موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) في دعم خدمات التعليم الجامعي كمعزز لدور المدرّس ومكونات المناهج في ظل العالم المتغير. ودعا المشاركون إلى ضرورة تطوير إمكانيات ومواهب المعلم والتركيز على منظومة القيم في التربية وتعزيز التنافس الإيجابي بين الطلاب وضرورة الربط بين الأخلاقيات والواقع الاقتصادي والاجتماعي للمعلم وتطوير عملية الامتحانات بحيث تركز على قياس مهارات الطلاب.
معلم المستقبل
تحدث الموجه التربوي سعود عبد الكريم المحمود من تربية حماة في بحثه المقدم في المؤتمر حول الاتجاهات التربوية الحديثة ببرامج لتدريب وإعداد وتطوير معلم المستقبل ما قبل وبعد ممارسة المهنة لأن عملية التطوير والتحديث يجب أن تشمل أهم جانب من العملية التربوية وهي المعلم. ورأى المحمود أنه من الضروري مناقشة الوضع المادي للمعلم لأن رفع مهنة التعليم إلى مصافي المهن الراقية يتطلب دعم المعلم فكريا وماديا للوصول إلى النتائج المرجوة.
وأشار الدكتور محمد موسى إلى ومواصفات الإنسان الذي نريد وفقا للمبادئ التربوية التي تنتهجها الوزارة في تعزيز حب الوطن والانتماء إليه والدفاع عنه، والتأكيد على الثوابت الوطنية في المناهج ومقومة العدوان مادام هناك ذرة تراب مغتصبة ومفاهيم وقيم الأخلاق والشجاعة. مشيرا إلى صفات جيل المستقبل المدرك للقانون والملتزم بقيم المواطنة محب لوطنه ومدافع عنه ويشارك في الإنتاج ويفكر بمنهجية علمية يمتلك إرادة التغيير وقادر على حل مشكلاته ومشكلات مجتمعه الحياتية.
بين الدمج والطفولة المبكرة
كثيرة هي الجلسات التي تناولت موضوع الطفولة المبكرة والدمج التعليمي لذوي الإعاقة ما بين الواقع والطموح فقد قدم الباحث محمد وحيد صيام والباحث الألماني ساشا هاين بحثا حول التعلم الاجتماعي العاطفي، وتنمية الطفولة المبكرة، تطرقا خلاله لدور التعلم العاطفي والرفاه الاجتماعي في السنوات الأولى، والمسارات الموصلة بين علم الأعصاب والتعليم، وعرض بعض الأمثلة المتعلقة بالموضوع، وطرح البحث تساؤلا مفاده لماذا يتم التركيز على التعلم العاطفي والاجتماعي، وأهميته في التعليم، وبناء شخصية الطالب. وأكد هاين: وجوب الاستثمار في مرحلة الطفولة المبكرة، ودوره في تطوير قدرات الطفل العقلية، وتطوير العلاقات العاطفية والاجتماعية، والتواصل مع المعلمين، مشيرا الى كيفية جعل تجارب الطفل الايجابية جزءا لا يتجزأ من الناحية البيولوجية. مشيرا إلى أن التعرض المزمن للتوتر في مرحلة الطفولة المبكرة يجعل دماغ الطفل أكثر استجابة للتوتر اللاحق طيلة الحياة، وأن تنمية الطفولة المبكرة تحتاج إلى معالجة الضغوطات الاجتماعية، وتقويض الشبكات الاجتماعية والتماسك الاجتماعي.
وطرح الباحث في ختام عرضه تساؤلين مفادهما كيف تتم رعاية تنمية دماغ الطفولة المبكرة من خلال المؤسسات المعنية بها، وهياكل المجتمع في سورية، وكيفية إضفاء الطابع المؤسسي على مقدمي الرعاية والمعلمين وتنمية القدرات المؤسسية.
إلى أين ذاهبون ؟!
ضمن الجلسات المتعلقة بتطوير المناهج التربوية ومكوناتها في تعزيز بناء الوطن والمواطن، تحدثت د. دكمارا جورجيسكو عن أهمية الأخذ بعين الاعتبار البيئة الجديدة، والتفكير بتعليم الناس بطريقة أفضل؛ فالتعليم مشكلة عالمية ولا يحصل الجميع عليه. ويجب ألا نكتفي بالمناهج بل يجب قياس المعلومات، لأنه لا يوجد توقع حقيقي للمناهج، وكذلك لا توجد سيناريوهات معدة مسبقاً، ولذلك يجب على واضعي المناهج أن يدركوا إلى أين هم ذاهبون؟
وأكد مدير المركز الوطني لتطوير المناهج التربوية د. دارم طباع في بحثه أن إصلاح التعليم هدف أساسي تعتمده الدول لتهيئة بيئة تربوية تحقق متطلبات المجتمع، ويركز على المخرجات المتعلقة بتحصيل المتعلم، ووجوب العمل على الخروج من نظام التعليم المتماثل إلى التعليم المبني على كفايات القرن الواحد والعشرين والذي تميز بسيطرة العقل كمورد أساس للاقتصاد العالمي، وبناء المناهج على أساس وطني ينطلق من مصلحة الوطن والفهم الإنساني العميق للحياة.
بهذا الجانب قدم هاشم إبراهيم في عرضه بحثاً بعنوان إصلاح المناهج التربوية القائمة على مدخل المعايير للقرن الحادي والعشرين في الجمهورية العربية السورية_ الرياضيات أنموذجاً أوضح فيه أهمية تطوير مناهج جديدة قائمة على نظام المعايير، و التركيز على النظام الحلزوني، الذي يتضمن مضامين معرفية أساسية ، وتقديم خطط لتدريب المعلمين والمدرسين على المنهاج الجديد، وتخطيط المناهج بما يساعد على تنمية مهارات التواصل والتفكير، واعتماد التكامل في منهاج الرياضيات.
كما تحدث الدكتور معتز العلواني والدكتور رواد خباز عن قيم المواطنة والانتماء في كتب اللغة العربية لطلاب صفوف المرحلة الثانوية وبينا أن القيم إحدى موجهات العمل التربوي، وفي ضوئها يمكن تحديد هوية العملية التربوية ومكوناتها ولاسيما المناهج التربوية، بالإضافة إلى أن بناء القيم عملية معقدة وقد لا تظهر نتائجها بشكل مباشرة، بل تحتاج إلى دوافع تحرض على ظهورها. ورأت الدكتورة نورا حاكمة أهمية تطبيق مهارات التواصل الرياضي لدى معلمي الرياضيات وآلية تنميتها ، من خلال الاهتمام التربوي بمهارات التواصل وقدرته على استخدام الرموز والمفردات والمفاهيم الرياضية، وتحديد الاحتياجات التدريبية للمعلمين في ضوء المناهج المطورة ، وإعداد مواقع الكترونية يشرف عليها مختصون في مركز تطوير المناهج التربوية ، وتقديم أدلة عمل للمعلم ، واستشارات تربوية ونشرات توعية ودروس نموذجية لطرائق التدريس الحديثة.
عروض ميدانية
عرض عدد من الباحثين والمختصين في مؤتمر التطوير التربوي أبحاثهم الميدانية منها ما يتعلق بتطوير المناهج كما هو حال البحث الذي تناوله الدكتور حجازي إدريس تحت عنوان «التربية على المواطنة والقيم الإنسانية المشتركة» تناول فيه عدداً من العناوين منها اعتبار إنسانية التربية حاجة عالمية، والتربية على المواطنة مستندة على قيم إنسانية، لأنها تسعى إلى بناء مجتمعات تنعم بالسلام، وركائزه الأساسية فئات الشباب والعائلة والمعلمين ورواد المجتمع وتكنولوجيا المعلومات، لافتاً إلى أن تطبيق التربية على المواطنة تكون بالمنهاجين النظامي وغير النظامي، مع دمج الأطفال ومهاراتهم بأشكالها كافة.
وقدم الباحثان الدكتور طارق الجردي والدكتورة هناء محرز بحثا حول تحليل محتوى منهاج الرياضيات للصف الثامن الأساسي على ضوء مبادئ نظرية تريز: أشارا بداية إلى أن تريز نظرية الحل الإبداعي للمشكلات، حيث تم تحليل أكثر من 2 مليون اختراع عبرها، وإيجاد الحلول الإبداعية لتلك المشاكل من خلالها، ليؤكدا ان الإبداع عملية منهجية تسير وفق خطط محددة. وقد عرضا مع البحث عدداً من الأمثلة أوضحت عنوان البحث، واقترح الباحثان ضرورة ربط المنهاج بالحياة العملية الواقعية، وتدعيم كتب الرياضيات في المراحل الدراسية جميعها.
ميساء الجردي

 

التاريخ: الثلاثاء 1- 10-2019
رقم العدد : 17087

 

آخر الأخبار
سرقة 5 محولات كهربائية تتسبب بقطع التيار عن أحياء في دير الزور "دا . عش" وضرب أمننا.. التوقيت والهدف الشرع يلتقي ميقاتي: سوريا ستكون على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين إعلاميو اللاذقية لـ"الثورة": نطمح لإعلام صادق وحر.. وأن نكون صوت المواطن من السعودية.. توزيع 700 حصة إغاثية في أم المياذن بدرعا "The Intercept": البحث في وثائق انتهاكات سجون نظام الأسد انخفاض أسعار اللحوم الحمراء في القنيطرة "UN News": سوريا.. من الظلام إلى النور كي يلتقط اقتصادنا المحاصر أنفاسه.. هل ترفع العقوبات الغربية قريباً؟ إحباط محاولة داعش تفجير مقام السيدة زينب.. مزيد من اليقظة استمرار إزالة التعديات على الأملاك العامة في دمشق القائد الشرع والسيد الشيباني يستقبلان المبعوث الخاص لسلطان سلطنة عمان مهرجان لبراعم يد شعلة درعا مهلة لتسليم السلاح في قرى اللجاة المكتب القنصلي بدرعا يستأنف تصديق الوثائق  جفاف بحيرات وآلاف الآبار العشوائية في درعا.. وفساد النظام البائد السبب "عمّرها" تزين جسر الحرية بدمشق New York Times: إيران هُزمت في سوريا "الجزيرة": نظام الأسد الفاسد.. استخدم إنتاج الكبتاجون لجمع الأموال Anti war: سوريا بحاجة للقمح والوقود.. والعقوبات عائق