ما إن تم الإعلان عن زيادة الرواتب والأجور حتى أخذ التجار والباعة بارتفاع الأسعار بشكل جنوني ما شكل أحد هموم المواطن المعيشية اليومية خلال تعامله مع السوق ، رفعت الأسعار حتى أصبح الفارق كبيراً بين القدرة الشرائية والأسعار المتداولة لمختلف السلع ، ولاسيما المواد الأساسية بالنسبة للمواطن الذي مازالت شكواه قائمة لجهة عدم التماس فعلي لما تم إطلاقه من وعود بتخفيض الأسعار وذلك من خلال ما أعلنت عنه التجارة الداخلية بأنه لن يسمح بالتلاعب بحياة الناس من خلال زيادة الأسعار.
ولنقل بشكل أوضح إن حالة هيستيرية وضرب من جنون الأسعار أصابت السلة الغذائية الأساسية للناس ، وفي مقدمتها السكر والرز والزيوت والسمون، والتجار يربطون هذا الغلاء بسعر صرف الدولار الذي مازال يحلق عاليا دون اتخاذ أي إجراء للسيطرة على ارتفاعه الجنوني من جهة ، ودون اتخاذ أي إجراء لوضع حد لحالة الغلاء من جهة ثانية ، ولا نعلم كم ستبقى الأسعار تحلق في ظل غياب من يكبح جنونها؟ فرغم ارتباط الدولار باستيراد بعض المواد الأساسية والأولية نجد بعض المواد ارتفعت أسعارها تلقائياً عند بعض التجار رغم عدم وجود علاقة لها بالدولار والمركزي يمول بعض التجار الذين يستوردونها وتشمل هذه السلة مواد أساسية وغذائية ، ناهيك عن البضائع المخزنة التي يحتكرها التجار لتباع في مثل هذه الأيام.
طبعا التجارة الداخلية تؤكد دائما أنها تعمل لاستقرار الأسعار في السوق ، من خلال عملها الدؤوب لتخفيضها ما أمكن ولاسيما فيما يتعلق بالمواد الأساسية التي يحتاجها المواطن ، وأن نشرات الأسعار التي ترد إلى التجارة الداخلية حسب ما تقول تشير إلى وجود استقرار في أسعار السلع ولاسيما الجملة منها، ثم تعترف بارتفاع الأسعار فيما يتعلق ببيع المفرق التي تخضع لمزاجية التاجر وهذا يعني أنه لا تسيطر على السوق فيما يخص المفرق وهو بيت قصيدنا .
إذا لم يعد الحديث عن الأسواق والأسعار يلقى صدى لدى الناس ، في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار ، وجشع التجار ، والغش والتلاعب بالمواد والجودة، مع عجز دوريات الرقابة في كبح جماح الارتفاع الذي يفرضه التجار الذين استغلوا ارتفاع سعر الصرف رغم وجود مواد كثيرة لا علاقة لها بالارتفاع الحاصل، ليكون ارتفاع الأسعار غير مبرر كما تعتبره وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك على لسان المعنيين، حيث تمتلئ المستودعات العائدة للتجار والبائعين بالمواد وفق أسعار قديمة، ليستغرب المستهلك هذا الارتفاع على أغلب المواد! علماً أن في حال انخفاض سعر الصرف تبقى الأسعار على حالها.
بكل الأحوال أننا نرى عدم جدوى العقوبات التموينية على التجار كون قيمة المخالفة تسترد من جيوب المواطن، إضافة إلى وجود ضعاف نفوس في عناصر الرقابة الذين يلعبون دور حماية التاجر بدلاً من حماية المستهلك، ورغم حالة التشدد التي يتحدث عنها المعنيون في كل اجتماعاتهم وتصريحاتهم وبخاصة بعد صدور مراسيم الزيادة ، على التزام الدوريات التي يسيرونها بالمهمة الممنوحة لها، وبالمكان والزمان المحدد فيها وعدم تجاوزها، والتدقيق بحيثيات المخالفة وتدوين ظروف ضبطها، والتصرف ضمن حدود القانون والقرارات الصادرة بموجبه لكن كل ذلك يتم دون جدوى وفهمكم كفاية . . ؟.
asmaeel001@yahoo.com
اسماعيل جرادات
التاريخ: الاثنين 25-11-2019
الرقم: 17130