كان مُتوقعاً من واشنطن أن تُعلق على تَعثر اجتماعات لجنة مناقشة الدستور في جنيف، بل كان مُتوقعاً أن تَتهور وتُبدي التدخل في عمل اللجنة، وربما يبدو من المُستغرب أن يأتي تَدخلها الفاضح مُتأخراً بعض الوقت، غير أنها عَوضت التأخير الحاصل بحماقة التعبير عن استعجال النتيجة التي لا تُدلل إلا على أنّ الأوهام ما زالت مُقيمة فيها، لم تتغير، وقد لا تتغير إلا قَسراً، ذلك كما حصل في الكثير من الجُزئيات المُختلفة والمُتعددة خلال سنوات العدوان!.
تَزوير الحالة، مُحاولة قلب الحقائق خلافاً للواقع، هو ما كان مُتوقعاً من واشنطن، وقد فَعَلَت الخارجية الأميركية تماماً ما كان مُتوقعاً أن يَصدر عنها أو عن البيت الأبيض، سواء لجهة محاولة توفير الدعم لتُرهات ما يَطرح الوفد المُرتهن لها، العامل تحت إشرافها مباشرة أو تحت إشراف نظام اللص أردوغان بموجب الوكالة المَمنوحة له، أم لجهة مُحاولة تَحميل الوفد الوطني السوري مَسؤولية التعثر والإخفاق!.
الشروط المُسبقة التي ادّعتها الخارجية الأميركية لم يَضعها الوفد الوطني السوري، وإنما الوفد الناطق بلسانها، وإنّ الخروقات لمُدونة السلوك، ولقواعد الإجراءات المُعتمدة، ارتكبَها الوفد الذي يَأتمر بأمرها، لا الوفد الوطني السوري، وبالتالي فإن مُحاولة تزوير الحاصل على هذا النحو لا يُلخص كامل حماقة واشنطن وأوهامها، وإنما تَستكملها باستعجال الهُراء المُتصل بما سمّته تهيئة بيئة مناسبة لإجراء انتخابات نزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة، فضلاً عن مُحاولة توفير الحماية لمُرتزقتها سواء بالمطالبة الوقحة بإطلاق المُعتقلين من إرهابييها، أم بعدم استهدافهم في مناطق انتشارهم!.
تَعليق الخارجية الأميركية بهذا المُحتوى لا يمكن قراءته إلا على أنه التدخل المَرفوض الذي يَفضح القصة عن آخرها للمرة الألف ربما، والذي يؤكد أن واشنطن لم تُجر أي تعديل على مخططاتها ومشاريعها باستهداف سورية، بل إنها تحاول واهمة القفز على التطورات، مُتجاهلة المعادلات التي رسمتها سورية بصمودها وثباتها، ومُنفصلة عن الواقع الذي لا تريد الاعتراف به استغراقاً بوهم الرهان على المرتزقة ومعسكر أدواتها في المنطقة لجهة إحداث تَغيير لن يَقع، لا بالسياسة ولا بالميدان.
لم يَكن العالم بحاجة للاطلاع على مَضامين التدخل الأميركي الفاضح – والمَرفوض – بعمل لجنة مناقشة الدستور ليَقف مُجدداً على حقيقة عدوانها المُتجدد بذرائع كاذبة والمُعتمد على المُرتزقة والأذرع الإرهابية والكيانات الإقليمية والدولية الداعمة لها. وإذا كان من كلمة حق مُنتظرة بهذا السياق، فإنّ الأمين العام للأمم المتحدة، ومَبعوثه الخاص غير بيدرسون، هما من يَنبغي أن يَنطقا بها، ومن دون تأخير أو مُماطلة.
علي نصر الله
التاريخ: الاثنين 2-12-2019
الرقم: 17136