أردوغان.. خفض تصعيد أم رفع وتيرة الإرهاب؟

فوجىء الجميع بعدد من التطورات المهمة التي يمكن التعويل عليها لوضع حجر الأساس لمرحلة جديدة من خفض التصعيد بما يؤدي للاتفاق على وضع نهاية سريعة لهذا النزيف المتواصل في العملية السياسية التي ما تزال تحتفظ برصيد مقبول من التوافقات التي تغذيها المصالح الإستراتيجية لمعظم الأطراف المتوحدة ولو بالظاهر حول وجوب منع الانزلاق إلى مواجهات مباشرة أو حرب مفتوحة قد تعجل بنسف مشاريع وطموحات منظومة العدوان ولاسيما الولايات المتحدة والنظام التركي.
أبرز تلك التطورات هو الاجتماع الثلاثي «السوري الروسي التركي» الذي حصل في موسكو مؤخراً، والذي يبدو بحسب المعطيات والمعلومات المتوافرة أنه يشكل فرصة جديدة للنظام التركي للالتزام بتعهداته، لهذا لا يمكننا القول إن المشهد بات يغفو على أحلام وردية من التفاؤل أو الأصح على كوابيس مفزعة من التفاؤل، ولا يمكننا كذلك الجزم بأن ما يحصل هو مقدمة لمرحلة جديدة ومسار عمل مختلف لم يزل الغموض يكتنف ماهيته وطبيعته ومصداقيته، رغم وضوح الرؤيا والخطوط العريضة لجهة خطوات البدء والتنفيذ المعروفة للجميع، والتي حددها وأعلنها الوفد السوري خلال الاجتماع. والتي تبدأ من الالتزام الكامل بسيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها، مروراً بالانسحاب الفوري والكامل من التراب السوري وليس آخراً الالتزام بالاتفاقات والتعهدات ولاسيما اتفاق سوتشي الخاص بمدينة إدلب، وتحديداً ما يتعلق بإخلاء المنطقة من الإرهابيين والأسلحة الثقيلة وفتح طريق (حلب- اللاذقية) و(حلب-حماة).
في العمق ومن داخل تلك الزوايا المضيئة والتي هي قليلة بطبيعة الحال، فإنه يمكن القول إن المشهد ما يزال يخطو في الفراغ، أي إن خطواته ستبقى أسيرة المكان الذي سوف تستقر إليه في ظل إصرار بعض أطراف الإرهاب على تفخيخ وربما تفجير كل المساحات التي يمكن أن تشكل أرضية لقاعدة انطلاق نحو الاتفاق على مخرجات للحل، في ضوء اتساع رقعة الكباش والاشتباك إقليمياً ودولياً، ولاسيما بعد التصعيد الأميركي الأخير المتمثل باغتيال الفريق سليماني وما يوازيه من توسيع النظام التركي لمساحات أطماعه واحتلاله لتصل إلى ليبيا.
كل التطورات الحاصلة التي باتت تضرب المشهد من كل الاتجاهات بغض النظر عن شكلها وشدتها وحدتها والتي يتوقع أن تتدحرج في اتجاهين لا ثالث لهما خلال الأسابيع القادمة، إما في اتجاه الحل السياسي وإما في اتجاه التصعيد الكارثي الذي يأخذ جميع الأطراف إلى حافة الجحيم، ولاسيما أطراف الإرهاب، وخاصة الولايات المتحدة الأميركية والنظام التركي اللذين يضطلعان بأدوار ومهمات التسخين والتفجير.
بكافة الأحوال لا يمكن بعد الآن فصل المشهد السوري بعناوينه العريضة، بل حتى بتفاصيله الصغيرة والشائكة عن المشهد الإقليمي والدولي بأكمله، ولهذا الأمر إيجابياته وسلبياته ودلالاته وأبعاده الكثيرة، فهذا التشابك المعقد هو من جهة ضامن لكبح جموح وجنون بعض اللاعبين الأساسيين على المسرح الإقليمي والدولي، وهو من جهة أخرى قد يؤدي إلى كبح عربة الحلول السياسية، بسبب ترابط المكاسب والمشاريع، وخاصة الاحتلالية والاستعمارية منها، وبسبب تضارب المصالح والأهداف لتلك الأطراف.
يبقى الميدان هو الصانع الحقيقي للسياسات والاستراتيجيات، ليس هذا فحسب بل هو الأكثر فاعلية في إعادة إنتاج وصياغة الأمزجة والأدمغة بما يتناسب وطبيعة المرحلة وبما يواكب القواعد والمعادلات المرتسمة على الأرض، وبما يتلاءم مع المتغيرات والتطورات المتراكضة التي تحاول أن تصوغ وجهاً جديداً للمشهد برمته.
فؤاد الوادي
التاريخ: الخميس 16- 1 -2020
رقم العدد : 17170

 

آخر الأخبار
توزيع ألبسة شتوية على مهجري السويداء في جمرين وغصم بدرعا   زيارة مفاجئة واعتذار وزير الصحة..  هل يعيدان رسم مستقبل القطاع؟   5 آلاف سلة غذائية وزّعها "الهلال  الأحمر" في القنيطرة آليات لتسهيل حركة السياحة بين الأردن وسوريا دمج الضباط المنشقين.. كيف تترجم الحكومة خطاب المصالحة إلى سياسات فعلية؟  قمة المناخ بين رمزية الفرات والأمازون.. ريف دمشق من تطوير البنية الصحية إلى تأهيل المدارس   زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن.. تفتح آفاقاً جديدة للتعاون الاقتصادي     تحسن ملحوظ في سوق قطع غيار السيارات بعد التحرير  "إكثار البذار " : تأمين بذار قمح عالي الجودة استعداداً للموسم الزراعي  دمشق تعلن انطلاق "العصر السوري الجديد"   من رماد الحرب إلى الأمل الأخضر.. سوريا تعود إلى العالم من بوابة المناخ   الطفل العنيد.. كيف نواجه تحدياته ونخففها؟   الجمال.. من الذوق الطبيعي إلى الهوس الاصطناعي   "الطباخ الصغير" .. لتعزيز جودة الوقت مع الأطفال   المغتربون السوريون يسجلون نجاحات في ألمانيا   تامر غزال.. أول سوري يترشح لبرلمان آوغسبورغ لاند محاور لإصلاح التعليم الطبي السوري محافظ حلب يبحث مع وفد ألماني دعم مشاريع التعافي المبكر والتنمية ابن مدينة حلب مرشحاً عن حزب الخضر الألماني خاص لـ "الثورة": السوري تامر غزال يكتب التاريخ في بافاريا.. "أنا الحلبي وابنكم في المغترب"