ثورة أون لاين- القنيطرة – خالد الخالد:
لم يفاجئنا أبداً الموقف العنصري الذي أبدته سلطات الاحتلال الصهيوني في الأراضي العربية المحتلة سواء في فلسطين العربية أو في الجولان السوري المحتل المتمثل بمنع الدواء والعلاج عن العرب وخصوصاً عن أهلنا في الجولان المحتل في مواجهتهم لوباء كورونا الذي يجتاح العالم كله.
فهذا الكيان الغاصب ومنذ نشأته الأولى على أرض فلسطين، قام أساساً على فكرتين أساسيتين، التمييز العنصري والتوسع على حساب حقوق الآخرين معتمداً بذلك على الدعم السياسي والعسكري والمالي اللامحدود الذي تقدمه دول أوروبا الغربية وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا وألمانيا بالإضافة إلى الداعم الرئيسي والأب الحقيقي للتمييز العنصري والتعدي الصارخ على حرية الشعوب ألا وهو الولايات المتحدة الأمريكية بإداراتها المتعاقبة.
ولتسليط الضوء على موقف الاحتلال العنصري حيال أهلنا في الجولان المحتل كان لصحيفة الثورة اللقاء التالي مع الباحث بشؤون الجولان يوسف ركاب.
*كيف تقرؤون الواقع المأساوي لأهلنا في الجولان المحتل تحت سلطة الاحتلال العنصرية؟!.
** في الحقيقة ظل الكيان الصهيوني خارج القانون الدولي وشرائع حقوق الإنسان يعربد وينتهك بشكل صارخ ولا يقيم وزناً أو اعتباراً للمنظمات الدولية المهيمن عليها أصلاً من قبل رعاة الكيان الدوليين والذين لا يقلون عنه صفاقة ووقاحة وجرأة على التعدي والعدوان .
لقد تجلت عنصرية الكيان واستهتاره بشكل واضح في معاملته للسكان العرب في كل من فلسطين والجولان المحتلين في مواقف كثيرة من اعتقال و تنكيل وحصار ومصادرة أراضٍ وفرض رسوم تعسفية على السكان بقصد الدفع بهم إلى الهجرة خارج الأرض المحتلة تمهيداً لضم الأرض وإحلال قطعان المستوطنين وإعلان يهودية الدولة .
*وماذا عن إهمال العدو لصحة أبناء الجولان ومنعه العلاج والدواء عنهم خلال مواجهتهم لوباء كورونا؟.
**لدى تفشي فيروس كورونا المستجد الذي اجتاح الكرة الأرضية، أصاب أيضاً الأراضي العربية المحتلة كما أصاب مستوطني الكيان الصهيوني في أراضي 48 المحتلة وفي الجولان المحتل، كما ظهرت الإصابة الأولى بين أبناء أهلنا في الجولان السوري المحتل في 22/3/2020 لتظهر إصابة أخرى في قرية بقعاثا المحتلة في 26/3/ وأخرى في 6/4 /2020.
وهنا تجلت عنصرية الكيان وإهماله المقصود لصحة أبناء الجولان المحتل مخالفاً بشكل فاضح القانون الإنساني الدولي والاتفاقيات الدولية التي تنص على حماية المدنيين على الأراضي الواقعة تحت سلطة الاحتلال وأهمها اتفاقية جنيف التي نصت المادة 55 منها: إنه من واجب دولة الاحتلال أن تعمل بأقصى ما يمكنها على تزويد السكان بالمواد الغذائية و الإمدادات الطبية، بل عليها أن تستوردها إن لم تكن موارد الأرض التي تم احتلالها كافية، بينما هي منعت العلاج وأهملت أهالي الجولان المحتل.
وتنص المادة 56: إنه من واجب دولة الاحتلال أن تعمل بكل ما تستطيع على صيانة المنشآت والخدمات الطبية والمشافي وتأمين وسائل الصحة العامة في الأرض المحتلة وذلك بوجه خاص عن طريق اعتماد وتطبيق التدابير الوقائية لمكافحة انتشار الأمراض المعدية والأوبئة وأكدت المادة 91 على حقوق الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال.
*برأيكم لماذا لا تكترث سلطات الاحتلال بالقوانين الدولية وترفض تقديم العلاج لأهلنا في الجولان؟.
**لا يعبأ الاحتلال الإسرائيلي بالقوانين ولا يراعي حقوق الإنسان وقد عمد إلى استغلال الوباء لتحقيق غايات سياسية عن طريق الابتزاز، فقد امتنع عن ترجمة البروتوكولات الصادرة عن وزارة صحة الكيان والمتعلقة بالمرض وكيفية التعاطي معه وأساليب الوقاية إلى اللغة العربية لغة السكان وحين ترجمها تحت الضغط الشعبي جاءت الترجمة سيئة وغير مفهومة وهذا يدل على مدى الاستهتار بحياة أهلنا في الجولان المحتل.
كذلك جاءت الفحوص الطبية لبعض الجولانيين متأخرة أي مع بداية تفشي الوباء، وإذا أضفنا إلى ذلك أيضاً حالة الاكتظاظ التي يعيشها الأسرى العرب وانعدام الرعاية الصحية ندرك حجم الكارثة التي تحيق بشعبنا تحت الاحتلال، ناهيك عن أن الوضع في المدن والبلدات المحتلة ليست أفضل حالاً إذ تفتقر إلى وجود المشافي والمراكز الطبية الكبيرة وخدمات الإسعاف والإنقاذ حيث الجهة الوحيدة المخولة حصرياً بالتعاطي مع مصابي الفيروس فيما يتعلق بفحص المواطنين ونقل المصابين هي منظمة تسمى (نجمة داوود الحمراء) ولا يوجد لها فروع في الأغلبية الساحقة من المدن والقرى العربية.
وبالرغم من أن الكارثة الوبائية لاعلاقة لها بالأمن المزعوم، إلا أن الكيان العنصري يربطها بأمنه المزعوم ويحاول منع العلاج بذريعتها، كما يمكننا القول إن النقص الحاد في الخدمات الطبية وغيرها إنما هو نتيجة التمييز المتراكم في التعاطي المباشر مع المجتمع العربي والذي تتكشف نتائجه في حالات الطوارئ .
*برأيكم كيف نفضح سياسات العدو هذه بحق أهلنا في الجولان المحتل؟.
** في الواقع سورية لم تترك فرصة واحدة وعبر كل المنابر وعلى لسان سفرائها في المنظمات الدولية، إلا وفضحت الممارسات العنصرية التي تنتهجها سلطات الاحتلال الإسرائيلي والتي تشكل انتهاكاً صريحاً للحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لأبناء الجولان المحتل والأراضي العربية المحتلة عموماً، وطلبت بعثاتنا من اللجنة الدولية لحقوق الإنسان المزيد من الاهتمام بحقوق الإنسان في الجولان السوري المحتل، والمساهمة في توسيع قاعدة الإدانات الدولية للانتهاكات التي ترتكبها سلطات الاحتلال، ورفضت سورية تكريس الاحتلال الإسرائيلي للجولان وإمعان القوة القائمة بالاحتلال في انتهاك القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
* كيف تعاملت سلطات الاحتلال مع المصابين بالفيروس في الجولان المحتل؟.
** عند حدوث أول إصابة بالجولان المحتل لامرأة من بقعاثا في الخمسين من عمرها لم تُبدِ سلطات الاحتلال أي ردة فعل باتجاه معالجة أو مساعدة المصابة ورفضت أن تقدم أي عينة لفحص ابن المصابة كونه مخالطاً لها وتم علاج المريضة على حساب الأهالي من خلال صناديق تأمينية، والإصابة الثانية كانت لشاب ثلاثيني يعيش بنفس المنزل مع المريضة الأولى وكذلك كان موقف سلطات الاحتلال بنفس الطريقة من التعامل و بنفس العنصرية المعهودة حيال أهلنا في فلسطين المحتلة من خلال تخفيض الدعم للقطاعات المسؤولة عن التأمين الصحي للعرب وهذا التخفيض بنسب كبيرة جداً بحيث لا تغطي ما نسبته ٢ إلى ٣ بالمئة مما هو مقرر أساساً فالأولوية لدى سلطات الاحتلال للمستوطنين الصهاينة فقط.
* كيف تصدى أهلنا في الجولان المحتل للوباء؟.!
**اعتمد أهلنا في الجولان المحتل على النشاط الشخصي للأطباء وتبرعات الأهالي حيث يوجد عدة تجمعات للعيادات التخصصية في قرى الجولان المحتل منها ٥ في مجدل شمس و ٥ في بقعاثا و ٣ في عين قنية و ٣ في مسعدة و ٢ في الغجر وجميعها تموَّل من صناديق المرضى الممولة أصلاً من الأهالي ومعظم الأطباء العاملين بها من خريجي جامعة دمشق.
*وكيف تعامل أبناء الجولان المحتل مع الإصابات بالوباء !؟
**عند حدوث الإصابات التزم الأهالي بتعاليم وزارة الصحة في الوطن الأم سورية من إجراءات الحجر الصحي للمواطنين ومنع تنقل المواطنين بين قرى الجولان المحتل وأساليب التعقيم وضبط العدوى وكل التعليمات الصادرة عن وزارة الصحة في سورية كانت تنفذ بحذافيرها في الوقت الذي لم تتخذ سلطات الاحتلال أي إجراءات احترازية أو علاجية .
و أخيراً حقَّنا كسوريين حكومة وشعباً أن نعمل على فضح أساليب المحتل وإظهار صورته الحقيقية البشعة أمام العالم أجمع وإسقاط صفة التمدن التي يحاول الكيان العنصري إظهار نفسه بها، وسيعود الحق إلى أصحابه طال الزمان أم قصر والرهان الآن على صمود شعبنا وصبره في الجولان المحتل ريثما يتم التحرير والذي نراه قريباً.