ثورة أون لاين- لميس علي:
يوصّف البعضُ الدراما التلفزيونية على أنها “ربع فن”..
كيف الحال فيما يخصّ غالبية المسلسلات المحلية المقدّمة حالياً..؟!
ربما يجوز القول إنها (عشر فن).. أو أقل… فهي تنتمي لأي شيء سوى إلحاقها بهالة الإبداع الفني.
أبطأت.. وربما أوقفت الجائحة الصحية التي تسوّر العالم كله عرض نسبة لا بأس بها من الأعمال التي كان يفترض أن تشارك في موسم (٢٠٢٠) وفي مقدمتها “الهيبة” بجزئه الرابع..
مع أن “الهيبة” بات يصنّف دراما مشتركة.. وكذلك كل من العملين الحاليين “الساحر” و”النّحات”.. وبالتالي تضاؤل جودة المحلي وتناقص نسبته إلى عملين أو ثلاثة.
ويبدو أن هذه الجائحة الصحية كانت أحد أسباب إظهار مدى ضعف وهشاشة الفن الدرامي لدينا لدرجة يتبادر للذهن أن كل ما تمّ تأجيله هو وحده ذو قيمة و ما يعرض في الموسم الرمضاني الحالي بمعظمه متواضع القيمة.
وليس الوقت مبكراً للحكم على عمل/أعمال في خامس حلقاته.. فشركات الإنتاج تقرر قبولها عملاً دون غيره بمجرد قراءة خمس حلقات منه لا أكثر.
والسؤال كيف قررت بعض الشركات إنتاج نوعية درامية تحتسب كوميديةً..؟؟
بأي معيار.. وبأي عين أبصرت قدرة تلك الأعمال على صنع الضحك..؟
ثمة بعض الأعمال المدرجة كوميدية لكنها بسيطة الإمكانيات لجهة ضعفها في ابتكار الموقف الكوميدي ولجهة تصنيع هذا الموقف نصيّاً أو أدائياً.
منها على سبيل المثال، “فتنة زمانها” تأليف عماد سيف الدين وإخراج عمار رضوان، وعمل آخر هو “هواجس عابرة” نص مهند قطيش وحسن مصطفى والإخراج لمهند قطيش.. تنقلب الحالة مع هذين العملين، فبدلاً من قدرتهما على صنع الابتسامة والضحك، كما يُفترض، نلاحظ أننا ندخل في حالة تأمل وتعجب.. متسائلين: أين الكوميديا في ظل (الاستهبال) الذي يقدّمون.. ؟!
يدرك العاملون في الشأن الفني أن الكوميديا من أصعب الفنون ومع هذا يتجرأ كثيرون على ولوجه مستعرضين ضحالة ما لديهم..
إلى الآن لا يبدو كل من العملين السابقين صاحب فكرة حقيقية قادر على عرضها بقالب ساخر لافت.. وكما لو أننا أمام نوع من الرخويات.. لا قوامَ واضحاً لها.
ولا وجود لجسد درامي أو نص فعلي تُبنى عليه مختلف أركان الحكاية التي يعرضونها علينا.
في “هواجس عابرة” العمل الذي تم إنتاجه منذ سنتين، نحن أمام نوع من الأداء المصطنع.. ما زاد من ضعف النص.. فمختلف الممثلين المشاركين لاسيما من أرادها المخرج بطلة للعمل “كاريس بشار” تبدو صاحبة أداء مصطنع غير مقنع..
لكن كيف يكون الأداء مقنعاً لنصّ يدّعي حرفية الكوميديا..؟!
أما في “فتنة زمانها”.. فمن الواضح أنه عمل يتكئ على مجرد حضور الفنانة سامية الجزائري كنجمة كوميديا.. ويتناسى بقية عناصر العمل الناجح.. فلا حبكة واضحة أو قادرة على جذب المتلقي..
يخطر لي أن استمرار وتصاعد هذا النوع من الاستسهال الدرامي الحاصل يجعلنا أمام نوع من جائحة فنية درامية.. وبالتأكيد هي أكثر خطورة فكرياً وثقافياً.. من مختلف الجوائح الصحية.. حتى لو تمّ اعتبار الدراما (عُشرَ عُشرِ الفن)..
فهل عانت عقول مشتغليها نوعاً من حجرٍ بهيئة درامية.. أو حظرٍ على الجيد من أفكارهم.