الملحق الثقافي:إعداد: رشا سلوم:
خرج العالم كثيراً عن خط الروح والقيم والثقافة، ومضى نحو المادة التي لا حدود لها، واليوم بدا أن الثمن غال ومرتفع جداً، ما يجعل الردة نحو الروح كبيرة، ولا سيما أن الوباء الذي يضرب العالم يفتك بلا رحمة، حيث يراه البعض عقاباً للإنسان على ما أهمله وتركه، وإن كان ذلك صحيحاً من حيث عبث الانسان بالطبيعة والقدرة على تجاوز طمعه، من هنا تشكل الكتب التي تعود للروح والطبيعة والحياة النقية مرجعاً وملاذاً للقراء، ومن هذه الكتب رواية عالم صوفي للكاتب النرويجي (جوستين غاردر) وهي حسب الدراسات تعد من أهم الروايات الفلسفية والأدبية التي حققت نجاحاً كبيراً حول العالم، حيث تمت ترجمتها إلى أكثر من 53 لغة عالمية، كما حققت مبيعات وصلت إلى 3 ملايين نسخة منذ نشرها في عام 1991 وتم تحويلها إلى فيلم سينمائي فضلاً عن العروض المسرحية التي حملت اسم الرواية في الكثير من البلدان.
نبذة عن الكاتب
جوستين غاردر هو كاتب وروائي نرويجي ولد عام 1952 وأشتهر بكتاباته قصص الأطفال بجانب الروايات الأدبية، كتب غاردر العديد من الروايات ولكن أشهر رواياته والتي تمت ترجمتها هي رواية عالم صوفي التي سنتحدث عنها، كما حصد غاردر العديد من الجوائز كان أبرزها:
– جائزة بكستيهوده بال عام 1997.
– جائزة ويلي برانت في أوسلو عام 2004.
– وسام سانت أولاف وهو منحة من الملكة النرويجية عام 2005.
وحسب موقع المرسال تتناول رواية عالم صوفي تاريخ علم الفلسفة ابتداءً من التعريف الحقيقي لكلمة فلسفة (Philosophy) وهي كلمة مشتقة من اللفظ اليوناني (فيلوسوفيا) دخلت اللغة العربية في عصر الترجمة، ومعناها محبة الحكمة أو طلب المعرفة أو البحث عن الحقيقة.
وتناول الكاتب أبرز الموضوعات التي يدور حولها علم الفلسفة وهي (أصل الكون وجوهره، العقل وأسس التفكير السليم، الإرادة الحرة ووجودها).
ويقوم الكاتب من خلال صفحاته بسرد تاريخ الفلسفة بطريقة شيقة من خلال بطلة الرواية وهي فتاة تدعى صوفي وشخص غامض يدعى (ألبرتو كونكس) وهو الذي يقوم بتعليم صوفي علم الفلسفة من دون أن تراه عن طريق مراسلات عبر صندوق البريد، مما يجعل صوفي التي بالكاد تبلغ عامها الرابع عشر تغير نظرتها للحياة بشكل كامل وتغوص في أعماق التساؤلات التي تدور في عقلها حول حياتها.
وبشكل تدريجي على مدار أحداث الرواية تبدأ صوفي التخلص من طريقة تفكيرها النمطية وتكسر كل القيود التي فرضها عليها المجتمع وطريقة تربية والديها لها لترى الحياة بشكل أكثر عمقاً، ومن أبرز الحوارات التي تدور بين صوفي ومعلمها كونكس في الرواية:
يقول لها كونكس: (هل تتابعينني، صوفي؟ هنا يأتي أفلاطون ويهتم بما هو دائم ثابت وأزلي في الطبيعة في الأخلاق والحياة الاجتماعية، في آن واحد إنهُ يضع كل هذا في سلة واحدة كان يحاول أن يُمسك بـ «واقع» نقي، أزلي وثابت.
ولنعترف بأن هذا هو المطلوب من الفلاسفة، فليس دورهم أن ينتخبوا ملكة جمال العالم أو أن يدلونا من أين نشتري البندورة الأقل ثمناً، الفلاسفة يحاولون أن يجردوا هذا النوع من الأسئلة الخفيفة والراهنة بنظر بعض الناس، إنهم على العكس من ذلك يبحثون عما هو «حق» و «جميل» إلى الأبد، بهذا نكون قد رسمنا الخطوط العريضة لفلسفة أفلاطون، ومن هنا ننطلق في محاولة فهم هذا الفكر الاستثنائي الذى طبع بعمق الفلسفة الأوروبية كلها.
من اجواء الرواية
على الانسان أن يتصالح مع قدره، فلا شيء يحصل مصادفة، برأي الرواقيين، كل ما يحصل هو ثمرة الضرورة، ولا فائدة من التذمر والشكوى عندما يدق القدر الباب، كذلك يجب أن يتلقى الانسان الحوادث السعيدة في الحياة أيضاً بأكبر قدر من الهدوء.
..
على الإنسان برأي أبيقور أن يقيم موازنة بين إشباع رغبة آنية وإمكانية تحقيق رغبة أكثر ديمومة، أو أكثر كثافة على المدى البعيد.
..
الذي لا يعرف أن يتعلم دروس الثلاثة آلاف سنة الأخيرة، يبقى في العتمة.
..
لن تعيش إلا بضع سنوات على هذه الأرض، ولكن إذا كان تاريخ البشرية هو تاريخها، فإن عمرها يكون آلاف السنين.
..
بحسب سقراط، فإن الناس يمتلكون الفرص ذاتها لأنهم يمتلكون العقل ذاته.
..
نحن لا نعيش عصرنا فقط، إننا نحمل تاريخنا كله في ذواتنا.
..
يمكن لنا أن نواجه عوائق سياسية مثلاً، تعيق نمونا الذاتي، وقد تستطيع ضغوط خارجية أن تشلنا، لذلك فإننا لا نعيش كبشر أحرار إلا عندما يتاح لنا أن ننمي بحرية كل إمكاناتنا الكامنة، لكننا نظل مرتبطين بالوضع الذي انطلقنا منه وبالظروف الخارجية.
..
أهواء النفس الجامحة بحسب سبينوزا، كالرغبة والادعاء هي التي تمنعنا من بلوغ السعادة أو التناغم.
..
الصفات الأولية للحواس تعطي الحجم الوزن الشكل الحركة والعدد، ونستطيع أن نؤكد على أن حواسنا تعطينا ما يكفي من المعلومات عن هذه الصفات، لكننا نقول أيضاً إن هذا الشيء حلو أو حاد، أخضر أو أحمر، ساخن أو بارد، وهذا ما يسميه لوك الصفات الثانوية للحواس، وليست هذه الأحاسيس كاللون والرائحة والطعم والصوت، صفات ماثلة في الأشياء، بل إنها لا تعكس إلا التأثير الذي تركته على حواسنا.
..
لأنني أتغير باستمرار، أنا لست اليوم نفسي قبل أربع سنوات، إن مفهومي عن نفسي هو كمزاجي، يتغير من لحظة إلى أخرى، ويحصل لي أن أرى نفسي كائناً جديداً بشكل جذري.
التاريخ: الثلاثاء12-5-2020
رقم العدد :998