الاعتراف الأميركي بضم أجزاء من الضفة الغربية إلى ما يسمى “السيادة الإسرائيلية” ستكون محور زيارة بومبيو التي سيلتقي خلالها الإرهابيان نتنياهو وغانتس، ما يعني أن إجراء عدوانياً آخر من بنود “صفقة القرن” في طريقه إلى التطبيق العملي على الأرض.
واشنطن وقبل أن تعلن عن بنود المؤامرة المشؤومة عملت على إيجاد المناخ السياسي المناسب لإمكانية التنفيذ، والأمر لا يقتصر على إدارة ترامب صاحبة هذا المشروع العدواني وحدها، وإنما سبقتها في ذلك معظم الإدارات الأميركية السابقة، سواء عبر شن الحروب ونشر الفوضى في المنطقة تحت مسمى “مكافحة الإرهاب”، أو من خلال الاستثمار فيما سمّي “الربيع العربي” وما أفرزه من مؤامرات استهدفت الدول الداعمة للقضية الفلسطينية وفي مقدمتها سورية التي لا تزال تدفع ثمن دفاعها عن هذه القضية حتى اليوم، إضافة إلى استهداف محور المقاومة ومحاولة شيطنته لإعادة رسم خريطة المنطقة، ليكون الكيان الصهيوني صاحب اليد العليا فيها.
إدارة ترامب بكل أركانها تبدو اليوم الأكثر حماساً للإسراع بتصفية الوجود الفلسطيني، وهذا يُمليه التطابق الواضح في السياسة العدوانية التي تنتهجها الإدارة الأميركية الحالية وحكومة العدو الصهيوني، فكلاهما يرتكزان على عكاز الإرهاب، وينصبان العداء لكل القيم الإنسانية والأعراف والقوانين الدولية، ويمتثلان لقانون شريعة الغاب، وتجمعهما قواسم مشتركة لجهة دعمهما اللامحدود للتنظيمات الإرهابية على مختلف أشكالها وتسمياتها، ويمعنان في أساليب العربدة والبلطجة الدولية لاستهداف سورية باعتبارها العائق الوحيد أمام تنفيذ المشاريع الصهيونية والأميركية في المنطقة.
إجراءات تنفيذ الصفقة المشؤومة تسير وفق الجدول المعد له أميركياً وصهيونياً، وهذا التسارع في عملية التنفيذ يشير في الوقت عينه إلى مدى التواطؤ الحاصل لدى بعض الأنظمة المستعربة وعلى رأسها النظام السعودي ومشيخة قطر، وزيادة وتيرة التطبيع مع الكيان الصهيوني على مختلف الاتجاهات تُعبِّر عن الرضا التام الذي يعتري تلك الأنظمة لجهة تصفية القضية الفلسطينية، حتى أن دراما التطبيع التي نشاهدها اليوم هي من مفرزات قبول بعض الأنظمة المستعربة للمخطط الصهيو-أميركي وإن كانت تدّعي خلاف ذلك، فهذه الدراما مفصلة على مقاس الرؤيا الصهيونية، وتُحاكي في مضامينها ما تتضمنه “صفقة القرن” لجهة قلب الحقائق وتزييفها.
الولايات المتحدة تحاول اليوم أن تستغل حالة الفوضى الناشئة عن الحروب متعددة الأشكال التي أشعلتها في المنطقة لفرض مشيئتها، ولكنها تتجاهل حقيقة هامة بأن الانتصارات التي تحققها سورية ومعها محور المقاومة على الإرهاب وداعميه، أفرزت متغيرات سياسية وعسكرية كبيرة على المشهد الدولي، باتت أميركا في ظلها تصارع للحفاظ على هيمنتها وبقائها كقطب واحد، وإذا كانت واشنطن قد نجحت حتى الآن بإيصال “صفقة القرن” إلى حدودها الراهنة، مستفيدة من الصمت الدولي المُغلَّف ببيانات الإدانة والاستنكار، ومن حالة التبعية العمياء للأنظمة المستعربة، فإنها بكل تأكيد لن تنجح بتمرير تلك الصفقة بصيغتها النهائية، ولن تنجح أيضاً بشطب فلسطين التاريخية والحقوق المشروعة لشعبها، لأن محور المقاومة لديه الكثير من الخيارات، ويمتلك القدرات الكافية لإجهاض ووأد كل المشاريع الصهيو-أميركية المعدة للمنطقة وشعوبها.
البقعة الساخنة- بقلم أمين التحرير : ناصر منذر