بعد إعلان الرئيس الروسي الاعتراف باستقلال جمهوريتى لوغانسك ودونيتسك، يتساءل المراقبون عن ماهية الخطوة الروسية اللاحقة، وهذا يتوقف بلا شك على طبيعة الاستفزازات الغربية القادمة، فالاعتراف باستقلال الجمهوريتين جاء رداً على الإجراءات التصعيدية من قبل أميركا وحلفائها الأعضاء بحلف الناتو، وهو رد طبيعي أيضاً على الهجمات الأوكرانية التي فاقمت الأوضاع في منطقة دونباس، وموسكو ارتأت اتخاذ القرار قبل أن تؤدى الأحداث إلى سقوط العديد من الضحايا في تلك المناطق، وفق تأكيد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.
الاعتراف الروسي باستقلال الجمهوريتين، هو رسالة بليغة للدول الغربية، بأن روسيا أكثر إصراراً اليوم على مواصلة الدفاع عن السلم والاستقرار الدوليين، وعن مبادئ الشرعية الدولية التي استباحتها الولايات المتحدة وشركائها الغربيين، وهذا يفسر بشكل واضح سرعة التهافت الغربي لعقد الاجتماعات بهدف اتخاذ إجراءات عقابية جماعية ضد موسكو، ومثل هذه العقوبات سيتم فرضها تحت أي ذريعة كانت، لأن هدفها لا علاقة له بأوكرانيا، وإنما تضييق الخناق على روسيا والضغط عليها كي تغير مسار نهجها السياسي الرافض لإستراتيجية الهيمنة الغربية، وتفردها بالقرار الدولي.
الغرب لا يهتم بالمطلق لمصلحة الشعب الأوكراني، هو يستخدم السلطة الحاكمة في كييف كأداة وذريعة لتبرير توسع (الناتو) شرقاً، لمحاصرة روسيا وتهديد أمنها القومي، وأرسل آلاف الأطنان من الأسلحة لإشعال فتيل الحرب، وتحميل موسكو كل تداعياتها، ولكنه لا يكترث لمصير آلاف المدنيين الأوكرانيين بحال اندلعت الحرب، وهو قد تجاهل الأضرار والخسائر الفادحة التي تكبدها الاقتصاد الأوكراني بسبب الحملة الإعلامية المضللة، والروايات الكاذبة التي لا ينفك ساسته ومسؤولوه وإعلامه المضلل عن نشرها حول (الغزو) الروسي المزعوم.
استفزازات (الناتو) العسكرية، والتهديدات الغربية المتواصلة، هي من دفعت روسيا لاتخاذ روسيا قرارها الحازم بالاعتراف بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك لضمان أمنهما، بعدما دفنت كييف اتفاقات مينسك بالتواطؤ مع الغرب، وفق تعبير الوزير الروسي لافروف، والخطوة الروسية القادمة تتوقف على سلوك الغرب، فإذا أراد الحوار وقدم رداً إيجابياً وبناء على مقترح الضمانات الأمنية الروسية، فموسكو أعلنت أكثر من مرة بأنها تؤيد دائماً خيار الدبلوماسية، ولا تريد ذكر مصطلح (الحرب)، وبحال استمر بصلفه وغطرسته، فروسيا أكدت أيضاً أنها لا تقبل أن يتحدث معها أحد بلغة الإنذارات والتهديدات، فهي لغة عديمة الجدوى.
البقعة الساخنة- ناصر منذر: