تحول دبلوماسي كبير.. كيف غيّرت سوريا موقعها بعد عام من التحرير؟

الثورة – علي إسماعيل:

لم تشهد الدبلوماسية السورية نشاطاً وحيوية كالذي تشهده اليوم، حيث استطاعت خلال هذه الفترة نقل سوريا من عزلة دولية وانغلاق شبه تام، إلى انفتاح واسع ومدروس.

وقد أحسنت القيادة السورية في هذا السياق إمساك خيوط اللعبة السياسية الداخلية والإقليمية والدولية، واستثمارها بما يخدم المصلحة الوطنية العليا، كما أعادت تعريف قواعد العمل الدبلوماسي والسياسي، من خلال قدرتها على انتزاع إجماع دولي حتى بين العواصم المتخاصمة.

وأعلنت الخارجية الصينية اليوم الاثنين، عقب لقاء وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني بنظيره الصيني وانغ يي في بكين، أنها مستعدة للمشاركة في إعادة إعمار سوريا.

وأوضحت في بيان لها أن الصين مستعدة للمساهمة في أمن سوريا واستقرارها، وستبحث المشاركة في إعادة بناء اقتصادها، كما شددت بكين على أنها تحترم خيارات الشعب السوري.

وتُعد زيارة الشيباني إلى الصين أول زيارة رسمية له لإجراء مباحثات مع عدد من المسؤولين الصينيين، وقد جاءت تلبية لدعوة من بكين.

يُذكر أن الوزير الشيباني كان قد قال في تصريحات سابقة لقناة “الإخبارية السورية” في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، إن سوريا أعادت تصحيح العلاقات مع الصين “التي كانت تقف سياسياً إلى جانب نظام الأسد البائد، وتستخدم الفيتو لصالحه”، وأكد أن سوريا “بحاجة إلى الصين في هذه المرحلة من أجل إعادة الإعمار”.

ويأتي البيان الصيني بمثابة إعلان نجاح إضافي للدبلوماسية السورية في إطار مساعيها لتصحيح صورة سوريا أمام المجتمع الدولي، حيث دخلت العلاقات السورية-الصينية بعد التحرير في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024 مرحلة إعادة صياغة، على الرغم من استخدام بكين حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن عدة مرات لصالح النظام المخلوع.

التحول الدبلوماسي السوري

عاشت سوريا أكثر من خمسين عاماً في عزلة دولية، لتدخل عام 2025 مرحلة جديدة من المشاركة النشطة مع الغرب، حيث انطلقت الدبلوماسية السورية من محيطها الإقليمي لتصنع جسر عبور من العالم العربي إلى العالم الغربي.

وقاد وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، بتوجيهات من الرئيس أحمد الشرع، حراكاً دبلوماسياً فريداً اتسم بالكم والنوع، حاملاً معه آمال السوريين في مستقبل أفضل.

وأجرى خلال الأشهر الماضية حوالي 55 زيارة رسمية بين عواصم عربية وغربية، في تحول دراماتيكي من العزلة والثبات طيلة عقود إلى النشاط والحوار البناء خلال أشهر.

وناقش خلال جولاته ملفات ذات أولوية كبرى، تمثلت في ملف العقوبات، وإعادة الإعمار، وفتح قنوات تعاون مع الدول الصديقة لتأمين عودة كريمة للاجئين، ومعالجة آثار الحصار الذي كبل البلاد لسنوات.

وفي هذا السياق، يقول الدكتور طلال مصطفى، أستاذ علم الاجتماع في جامعة دمشق والباحث في الشؤون الاجتماعية والسياسية، في حديث لصحيفة “الثورة”: إن “سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد شهدت تحولاً دبلوماسياً لافتاً في عام 2025، تمثل في مرحلة انتقال من عزلة طويلة إلى مشاركة دولية نشطة مع الغرب والفاعلين الإقليميين”.

وأشار إلى أن الزيارات الرسمية رفيعة المستوى، ومن ضمنها زيارة الرئيس الشرع التاريخية إلى البيت الأبيض، وفتح القنوات الدبلوماسية وما تبعها من خطوات، تمثل إعادة صياغة لموقع سوريا في النظام الدولي، وإشارة واضحة إلى رغبة دمشق في تجاوز إرث العزلة السياسية والاقتصادية، واستعادة شرعية دولية تسهل إعادة الإعمار والاندماج.

وأضاف: “مع ذلك، يظل هذا التحول رهين توافقات إقليمية ودولية وشروط تتعلق بالمسائل الأمنية في المنطقة”.

وكان وزير الخارجية والمغتربين، أسعد الشيباني، قد قدم في 13 تشرين الثاني/نوفمبر، خلال جلسة حوارية في معهد “تشاتام هاوس” بلندن، سرداً موسعاً حول السياسة السورية الجديدة، مؤكداً أن المرحلة الحالية تمثل فرصة محورية لإعادة تثبيت حضور سوريا عالمياً بعد سنوات من العزلة والأزمات.

وفي مقابلة تلفزيونية بُثت في 19 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، حدد الوزير الشيباني ملامح السياسة السورية الجديدة، مؤكداً أن سوريا بعد التحرير لم تنخرط في أي محور ولم تعادِ أحداً، بل تسعى إلى دبلوماسية متوازنة تستعيد من خلالها موقعها الطبيعي على الخريطة الدولية، بما يخدم مصالح شعبها.

وفي 3 تموز/يوليو من العام الحالي، أكد وزير الخارجية أسعد الشيباني أن الدبلوماسية السورية استعادت زمام المبادرة وتمكنت من إعادة تموضع سوريا على الساحتين الإقليمية والدولية.

وقال في كلمة خلال حفل إطلاق الهوية البصرية الجديدة للجمهورية العربية السورية: “خلال الأشهر الماضية، لم تقبل الدبلوماسية السورية بالواقع المتهالك الذي ورثناه، وكانت في حركة دؤوبة لاستعادة حضور سوريا الدولي”.

وأضاف أن الوزارة حملت “في كل لقاء وجهاً جديداً لسوريا، والتقت الكثير من الرؤساء الذين أكدوا أنهم سيقدمون الدعم لشعبنا لإعادة بناء وطنه”، مشدداً على أن الخطاب الدبلوماسي الجديد يهدف إلى “إظهار سوريا بوجهها الحقيقي، بعيداً عن الشعارات”.

وكان الوزير الشيباني قد صرح عقب مشاركة سوريا في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن “سوريا أكدت ثوابتها في السيادة والتنمية وإعادة الإعمار، خلال مشاركتها الناجحة في الأمم المتحدة، وخطاب تاريخي ألقاه الرئيس أحمد الشرع، بعد 60 عاماً من العزلة”.

وفي سلسلة تدوينات عبر منصة “إكس”، أكد الشيباني أن سوريا “أنهت مشاركتها الناجحة في أعمال الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث حملت صوت سوريا الحر، وصوت كل من ضحى لأجل هذه اللحظة”، مشيراً إلى إجراء لقاءات بناءة مع عدد من وزراء الخارجية وممثلي المنظمات الدولية.

وكان الرئيس الشرع قد قال خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهي الأولى لرئيس سوري منذ عام 1967، إن سوريا تحولت من دولة تصدر الأزمات إلى “فرصة تاريخية” لإحلال الاستقرار والسلام والازدهار في المنطقة بأسرها.

موسكو وواشنطن وبكين.. مسارات متعددة

قاد وزير الخارجية أسعد الشيباني جولات دبلوماسية شملت مراكز صنع القرار العالمي، من موسكو إلى واشنطن، وصولاً إلى بكين، ما يعكس سياسة خارجية متوازنة تسعى إلى بناء علاقات مع القوى الكبرى شرقاً وغرباً، بما يضمن تنويع الشراكات وعدم الارتهان لمحور واحد.

وعملت السياسة الخارجية السورية على تصحيح العلاقات مع موسكو وبكين، ونقلتها من الارتهان إلى الاحترام المتبادل، كما أعادت وصل ما انقطع مع الدول العربية والإقليمية والمنظمات الدولية.

هذه العودة، كما وصفها الوزير الشيباني، لم تكن بروتوكولية، بل كانت عودة الصوت السوري الحقيقي إلى مكانه الطبيعي؛ صوت الشعب الذي خرج من رحم الثورة والمعاناة، ويطمح إلى بناء وطنه بكرامة لا بوصاية.

وحول ذلك، يرى الدكتور مصطفى، أن “المسار الدبلوماسي السوري اتسم بتعدد القنوات، من جولات قام بها وزير الخارجية أسعد الشيباني شملت لقاءات مع مسؤولين غربيين في واشنطن ولندن، إلى الزيارات الحالية لشرق آسيا (الصين)”.

ويضيف أن هذا الأسلوب يعكس سياسة خارجية متوازنة تسعى لتنويع الشراكات الاستراتيجية وعدم الارتكاز على محور واحد، في محاولة لخفض الاعتماد على حليف واحد وتنويع مصادر الدعم الاقتصادي والسياسي.

ويشير الدكتور مصطفى، إلى أن “مثل هذه الدبلوماسية المتعددة المسارات تعطي دمشق هامش مناورة أكبر عند التفاوض حول رفع العقوبات وإطلاق مشاريع إعادة الإعمار، ولكن نجاحها يتطلب إدارة حساسة للتوترات بين الكبار، خصوصاً الولايات المتحدة وروسيا وإيران والصين”؛ وفعلياً هذا ما استند عليه الوزير الشيباني.

وكانت “بيضة القبان” في الدبلوماسية السورية هي الزيارة التاريخية الرسمية للرئيس الشرع إلى “البيت الأبيض” في 10 تشرين الثاني/نوفمبر، ولقائه بالرئيس ترامب، وما حققته هذه الزيارة من نقلة نوعية حيرت الصديق قبل العدو.

وكان الوزير الشيباني قد أكد خلال جلسة حوارية في معهد “تشاتام هاوس” ببريطانيا في 13 تشرين الثاني/نوفمبر، أن زيارته الأخيرة إلى واشنطن كانت “ناجحة جداً” وشملت كافة الملفات الأساسية، مؤكداً أن العلاقات مع الولايات المتحدة تشهد تطوراً إيجابياً، وأن رفع عقوبات “قيصر” هو “مسألة وقت”، مع توقع إزالة كامل العقوبات قبل نهاية العام، الأمر الذي سيتيح انفتاحاً واسعاً على الاستثمار في مختلف القطاعات.

وشدد في هذا السياق على أن الفرص الاستثمارية في سوريا “مفتوحة وليست حكراً على عائلة معينة أو الحكومة”.

كما أكد الوزير أن دمشق تبني “علاقات واقعية مع روسيا”، مشيراً إلى أن الدور الروسي في سوريا “لن يكون كما في الماضي”، وأن الحكومة تعمل على “تنظيم” هذا الدور، مع رغبتها في الحفاظ على علاقة هادئة مع موسكو دون السماح بعودة الهيمنة.

الاقتصاد كأولوية في الخطاب الجديد

لا تنفك عرى السياسة عن الاقتصاد، فكيف إذا كان السياسي تاجراً بالفطرة؟ فتجار بلاد الشام جابوا العالم شرقاً وغرباً، ينشرون ثقافتهم إلى جانب بضائعهم. وعبر التاريخ، استخدم السوريون الاقتصاد كأداة رئيسية لتشبيك المصالح السياسية، ولأن الدول تعترف بالمصالح لا بالعواطف، فقد حققت الدبلوماسية السورية أهدافها، حتى أطلقت الأوساط السياسية مصطلح “الدبلوماسية التجارية” على مساراتها كتوصيف لنجاحاتها.

يقول الدكتور مصطفى حول ذلك: إن “تحول الخطاب السوري الخارجي بات واضحاً نحو إبراز الاقتصاد وإعادة الإعمار كمدخل رئيس لإعادة بناء الثقة، خاصة أن جدول زيارات الشيباني للدول المؤثرة والفاعلة في الملف السوري أكد على التعاون الاقتصادي، وجذب الاستثمار، والدعوات لرفع العقوبات الغربية، بينما ركز الجانب الأميركي والبريطاني، بأشكال متدرجة، على العلاقة بين تخفيف العقوبات والاشتراطات السياسية-الأمنية”.

ويضيف: أن “هذا يضع إعادة الإعمار في موقع المركز، ليس فقط كقضية تقنية، بل كأداة دبلوماسية لشرعنة العلاقة مع المجتمع الدولي وإعادة إدماج سوريا اقتصادياً. ومع ذلك، يبقى التحدي في كيفية ضمان شمولية إعادة الإعمار”.

وكان الرئيس السوري أحمد الشرع قد شارك في العاصمة السعودية الرياض، في 28 تشرين الأول/أكتوبر، في مؤتمر “مبادرة مستقبل الاستثمار” واجتماع الطاولة المستديرة السوري-السعودي، بمشاركة وفد اقتصادي سوري رفيع المستوى.

وقبل ذلك، التقى الرئيس الشرع في 22 أيلول/سبتمبر بعدد من كبار المستثمرين والخبراء الاقتصاديين خلال “قمة كونكورديا” في نيويورك، قبيل مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وفي 18 تشرين الأول/أكتوبر 2025، عقد وزير المالية محمد يسر برنية اجتماعاً ثنائياً في واشنطن مع مساعد وزير الخزانة الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، إريك ماير، حيث دار النقاش حول دعم إصلاحات المالية العامة وبناء القدرات التقنية، وذلك على هامش الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين.

وبين 17 و18 تشرين الأول/أكتوبر 2025، أجرى وزير الاقتصاد والصناعة نضال الشعار سلسلة لقاءات سياسية واقتصادية في واشنطن، شملت لقاءً مع مسؤولين في وزارة التجارة الأميركية، واجتماعاً تشاورياً مع عضوي الكونغرس الأميركي إبراهيم حمادة وجو ويلسون.

وعلى الصعيد النقدي، أعلن حاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر الحصرية، في 17 تشرين الأول/أكتوبر 2025 بواشنطن، الاتفاق على انضمام سوريا إلى منصة “بُنى” للمدفوعات عبر الحدود، التابعة لصندوق النقد العربي.

الشتات السوري كجسر دبلوماسي جديد

من يحقق نجاحات دبلوماسية نوعية ويتمكن من ضبط التوازنات الدولية، يدرك تمام الإدراك أهمية القوة الناعمة في تحقيق أهدافه.

فالجاليات السورية في مختلف دول العالم تشكل عامل قوة للدولة السورية، وداعماً أساسياً على المستويين الاقتصادي والسياسي.

لذلك، ركزت لقاءات الوزير الشيباني مع الجاليات السورية في لندن وواشنطن ونيويورك على دورها في الدعم السياسي وجهود إعادة الإعمار.

وهنا، يؤكد الدكتور مصطفى حرص وزير الخارجية أسعد الشيباني على عقد لقاءات مطولة مع الجاليات السورية، ما يعكس إدراكاً رسمياً لأهمية السوريين في الشتات كقوة ناعمة ومصدر للموارد والخبرة والاستثمار.

ويضيف أن “إشراك السوريين في الشتات يمكن أن يسهل تحريك رؤوس الأموال، ودعم مشاريع إعادة الإعمار، وبناء قنوات ثقة بين المجتمع الدولي والسلطات السورية، شريطة وجود آليات شفافة لاستثمار هذه العلاقة”.

وفي محاضرة نظمها “مركز عمران للدراسات الاستراتيجية” بالتعاون مع “مركز الدراسات والبحوث الاستراتيجية” في جامعة دمشق في 9 أيلول/سبتمبر، أكد الرئيس التنفيذي للمنتدى السوري، غسان هيتو، أن السوريين المغتربين ليسوا مجرد جالية في الخارج، بل يمثلون رصيداً بشرياً ومالياً وثقافياً وسياسياً حيوياً لسوريا المستقبل.

وهنا، تجدر الإشارة إلى الطاقات البشرية والإمكانات الاقتصادية والمعرفية التي يمتلكها السوريون في بلاد الاغتراب، وضرورة البحث عن طرائق لتوظيفها في دعم العملية السياسية، وبناء مؤسسات الدولة، وإعادة النسيج الاجتماعي الذي تعمد النظام البائد تمزيقه.

آخر الأخبار
تقرير مدلس.. سوريا تنفي اعتزامها تسليم مقاتلين "إيغور" إلى الصين محافظ السويداء يؤكد أنه لا صحة للشائعات المثيرة لقلق الأهالي  بدورته التاسعة عشرة.. سوريا تشارك في معرض دبي للطيران أحداث الساحل والسويداء أمام القضاء.. المحاكمات العلنية ترسم ملامح العدالة السورية الجديدة وزمن القمع... الاقتصاد في مواجهة "اختبار حقيقي" سوريا وقطر.. شراكة جديدة في مكافحة الفساد وبناء مؤسسات الدولة الرقابة كمدخل للتنمية.. كيف تستفيد دم... إعادة دراسة تعرفة النقل.. فرصة لتخفيف الأعباء أم مجرد وعود؟ منشآت صناعية "تحت الضغط" بعد ارتفاع التكاليف وفد روسي ضخم في دمشق.. قراءة في التحول الاستراتيجي للعلاقات السورية–الروسية وزير الخارجية الشيباني: سوريا لن تكون مصدر تهديد للصين زيارة الشرع إلى المركزي.. تطوير القطاع المصرفي ركيزة للنمو المؤتمر الدولي للعلاج الفيزيائي "نُحرّك الحياة من جديد" بحمص مناقشة أول رسالة ماجستير بكلية الطب البشري بعد التحرير خطة إصلاحية في "تربية درعا" بمشاركة سوريا.. ورشة إقليمية لتعزيز تقدير المخاطر الزلزالية في الجزائر    السعودية تسلّم سوريا أوّل شحنة من المنحة النفطية تحول دبلوماسي كبير.. كيف غيّرت سوريا موقعها بعد عام من التحرير؟ سوريا تشارك في القاهرة بمناقشات عربية لتطوير آليات مكافحة الجرائم الإلكترونية جمعية أمراض الهضم: نقص التجهيزات يعوق تحسين الخدمة الطبية هيئة التخطيط وصندوق السكان.. نحو منظومة بيانات متكاملة