إعادة دراسة تعرفة النقل.. فرصة لتخفيف الأعباء أم مجرد وعود؟

الثورة – ثورة زينية:

مع كل رحلة يومية يقطعها المواطن بين منزله ومكان عمله أو دراسته، يشعر بثقل تكلفة النقل على ميزانيته، خصوصاً في ظل ارتفاع أسعار المواصلات خلال السنوات الماضية.

ومع إعلان وزارة الإدارة المحلية والبيئة إعادة دراسة التعرفة عقب انخفاض أسعار المحروقات، يبرز السؤال: هل سيشهد المواطن انعكاساً ملموساً لهذا الانخفاض في جيبه، أم أن القرار سيبقى مجرد وعد على الورق؟.

بحسب مصدر في وزارة الإدارة المحلية فضل عدم ذكر اسمه فإن إعادة دراسة التعرفة لا تعني بالضرورة تخفيضاً فورياً أو موحداً في أجور النقل، بل إعادة تقييم شاملة تراعي خصوصية كل محافظة ومستوى استهلاك الوقود وطبيعة الخطوط وطول المسافات وعدد الركاب، وأن الهدف من القرار هو تحقيق الانسجام بين انخفاض أسعار الوقود ومستوى تعرفة النقل، مشيرا إلى أن لجاناً فنية مشتركة بين الوزارة والمحافظات ووزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بدأت فعلاً بحصر تكاليف التشغيل الفعلية تمهيداً لإصدار تسعيرات جديدة عادلة وشفافة.

وأضاف المصدر: إن تطبيق القرار سيكون تدريجياً وبما يتناسب مع طبيعة كل محافظة، على أن ترافقه حملة رقابية موسعة للتأكد من التزام جميع سائقي النقل العام بالتسعيرة الجديدة فور صدورها، منعاً لأي تجاوزات أو حالات استغلال.

آراء السائقين: مزيج من القلق والتفاؤل

يرى عدد من السائقين أن أي تخفيض كبير في التعرفة يجب أن يدرس بعناية، يوضح سمير الزيات سائق على خط جمرايا – دمشق أن كلفة التشغيل لا ترتبط فقط بالمحروقات بل تشمل أيضا قطع الغيار والزيوت ورسوم الصيانة والضرائب، التي ما زالت مرتفعة نسبياً.

يعبر السائقون عن حذرهم من خفض التعرفة بشكل كبير، مشيرين إلى أن انخفاض أسعار الوقود لا يعوض ارتفاع تكاليف الصيانة وقطع الغيار، يقول السائق نادر عزام الذي يعمل على خط دمشق- جرمانا، إن انخفاض سعر المازوت لا يعني بالضرورة أن الأرباح ارتفعت، فأسعار الإطارات والزيوت تضاعفت في الأشهر الأخيرة، مطالباً بإشراك ممثلي السائقين في لجان التسعير لضمان العدالة للطرفين.

محمد كجيج سائق على خط الهامة – دمشق: نحن لا نعارض تخفيض التعرفة لكن يجب أن تكون منصفة، فالظروف التشغيلية اليوم صعبة جدا.

أحمد مهجة سائق على خط وادي بردى – دمشق يشير إلى أن توفر الوقود بالسعر الرسمي ليس دائماً مضموناً، ما يجعل الالتزام بتعرفة منخفضة أمراً صعباً، بينما يرى ماهر الحناوي سائق على خط داريا – دمشق وضع تسعيرة واضحة وضبط التلاعب في السوق يمكن أن يحقق استقراراً ويقلل الفوضى.

آراء الركاب: ترحيب حذر واهتمام بالتطبيق

أبدى الكثير من الركاب الذين التقتهم الثورة ترحيباً حذراً بالقرار معربين عن أملهم أن يخفف من الأعباء اليومية. يقول المواطن سمير الناعمة موظف في القطاع العام إن أي تخفيض في أجور النقل سيكون ذا أثر مباشر على ميزانية الأسرة، موضحاً أن مصروف النقل الشهري بات يشكل نسبة غير قليلة من الدخل، خصوصاً للأسر التي تستخدم أكثر من وسيلة نقل للوصول إلى أماكن العمل أو الدراسة، ويؤكد أن القرارات السابقة المتعلقة بتعديل الأسعار لم تطبق دوماً وغياب الرقابة الميدانية أحيانا يتيح المجال لبعض السائقين للاستمرار بتقاضي أجور غير منسجمة مع التعرفة الرسمية، الأمر الذي يستدعي تعزيز الدور الرقابي للجهات المحلية والنقابية.

مروة فايز طالبة جامعية تقول: تكلفة المواصلات أصبحت جزءاً كبيراً من مصاريفي، وأي تخفيض ولو بسيطاً سيكون مفيداً، بينما لم يخفِ ربيع هندية (موظف) قلقه من عدم التزام السائقين بالتعرفة الجديدة، موضحاً أن المشكلة الأساسية تكمن في آلية التطبيق، بدوره المهندس محمد جمال (رئيس بلدية) بين أن تخفيض الأسعار وحده لا يكفي ويجب أن يترافق مع تحسين انتظام الخطوط وعدد المركبات المتاحة لتلبية الطلب.

إيجاد توازن بين مصالح السائقين وقدرة المواطن

الخبير في شؤون النقل والتخطيط الحضري المهندس محمد الحناوي بين أن التقديرات الأولية تشير إلى أن كلفة التشغيل لوسائل النقل العام انخفضت بنسب تتراوح بين 10 إلى 15 بالمئة تبعا لنوع المركبة والمسافة المقطوعة، مضيفاً: من هنا فإن مراجعة التعرفة الحالية تعد خطوة ضرورية لتحقيق عدالة سعرية تمنع الاستغلال وتضبط السوق، خصوصاً بعد ورود شكاوى من المواطنين حول استمرار بعض السائقين بتقاضي أجور مرتفعة رغم انخفاض الأسعار.

يشكل الوقود جزءاً أساسياً من تكلفة تشغيل السرافيس والباصات ومع انخفاض أسعاره يوضح الحناوي: يتوقع أن ينعكس ذلك إيجابياً على التعرفة، مؤكداً أن الوقود يمثل نحو 30 بالمئة إلى 40 بالمئة من التكلفة التشغيلية فقط، بينما تمثل الصيانة وقطع الغيار والإطارات والزيوت جزءاً كبيراً من النفقات، لذلك فإن تخفيض التعرفة لا يمكن أن يكون فعالاً إذا لم يدرس ضمن معادلة شاملة تكفل تغطية كل تكاليف التشغيل.

وبالنسبة للبعد الاجتماعي يرى المهندس الحناوي أن القرار يحمل توقعات عالية لدى المواطنين، الذين يعانون من أعباء يومية متزايدة بسبب ارتفاع تكلفة المواصلات، وأن أي نجاح للقرار يعتمد على قدرة الجهات المعنية على الجمع بين تخفيف الأعباء المالية للمواطن وضمان عدم تعرض السائقين للخسارة.

التحديات أمام التنفيذ

وشدد على أن مسؤولية الجهات المعنية تكمن في إيجاد توازن بين مصالح السائقين وقدرة المواطن على التنقل بأسعار معقولة، مبيناً أن نجاح القرار يتطلب توفير الوقود بالسعر الرسمي وضبط الأسعار والتلاعب، وتحسين أداء شركات النقل العام لتخفيف الضغط على السرافيس الخاصة، بما يضمن انعكاس التخفيض على الواقع اليومي للمواطن.

وختم حديثه لـ”الثورة “: تمثل إعادة دراسة التعرفة خطوة إيجابية إذا ما رافقها تنفيذ دقيق وفعال، يحقق التوازن بين التخفيف المالي للمواطن وضمان استدامة دخل السائقين، وإذا تم الالتزام بالتطبيق ومراقبة التنفيذ، فقد تشكل هذه الخطوة بداية نحو تحسين نوعية الحياة اليومية وتعزيز ثقة المواطنين بالسياسات العامة، أما إذا غابت الرقابة والالتزام فسيظل القرار مجرد رقم على الورق من دون أثر ملموس.

آخر الأخبار
تقرير مدلس.. سوريا تنفي اعتزامها تسليم مقاتلين "إيغور" إلى الصين محافظ السويداء يؤكد أنه لا صحة للشائعات المثيرة لقلق الأهالي  بدورته التاسعة عشرة.. سوريا تشارك في معرض دبي للطيران أحداث الساحل والسويداء أمام القضاء.. المحاكمات العلنية ترسم ملامح العدالة السورية الجديدة وزمن القمع... الاقتصاد في مواجهة "اختبار حقيقي" سوريا وقطر.. شراكة جديدة في مكافحة الفساد وبناء مؤسسات الدولة الرقابة كمدخل للتنمية.. كيف تستفيد دم... إعادة دراسة تعرفة النقل.. فرصة لتخفيف الأعباء أم مجرد وعود؟ منشآت صناعية "تحت الضغط" بعد ارتفاع التكاليف وفد روسي ضخم في دمشق.. قراءة في التحول الاستراتيجي للعلاقات السورية–الروسية وزير الخارجية الشيباني: سوريا لن تكون مصدر تهديد للصين زيارة الشرع إلى المركزي.. تطوير القطاع المصرفي ركيزة للنمو المؤتمر الدولي للعلاج الفيزيائي "نُحرّك الحياة من جديد" بحمص مناقشة أول رسالة ماجستير بكلية الطب البشري بعد التحرير خطة إصلاحية في "تربية درعا" بمشاركة سوريا.. ورشة إقليمية لتعزيز تقدير المخاطر الزلزالية في الجزائر    السعودية تسلّم سوريا أوّل شحنة من المنحة النفطية تحول دبلوماسي كبير.. كيف غيّرت سوريا موقعها بعد عام من التحرير؟ سوريا تشارك في القاهرة بمناقشات عربية لتطوير آليات مكافحة الجرائم الإلكترونية جمعية أمراض الهضم: نقص التجهيزات يعوق تحسين الخدمة الطبية هيئة التخطيط وصندوق السكان.. نحو منظومة بيانات متكاملة