ثورة أون لاين-نورا حربا:
لطالما كانت حلقات الوساطة التجارية والعمولات التي يتقاضاها التجار دون أي وجه حق سببا أساسيا في إرتفاع الأسعار بالنسبة للسلع الغذائية والأساسية والزراعية فالجميع بات مدرك للفروقات في الأسعار بالنسبة لهذه المواد مابين أسواق الهال وغيرها من أسواق المفرق والتي قد تصل لحوالي ٥٠٠ ليرة سورية بالنسبة للمادة في الكيلو الواحد ومن هنا جاءت فكرة الأسواق الشعبية لاختصار حلقات الوساطة التجارية عبر إتاحة المجال أمام المزارع لبيع منتجاته مباشرة للمستهلك بما يحقق مصلحة الطرفين الفلاح الذي يحقق ارباحا افضل بعيدا عن تجار أسواق الهال، والمستهلك الذي تتاح له فرصة الحصول على المنتج الزراعي الطازج بعيدا عن مضاربات التجار وارباحهم المرتفعة .
بعد حوالي الشهر على إطلاق التجربة على أرض الواقع كان تجاوب المحافظات السورية مختلفا بالنسبة لها حيث كانت محافظة ريف دمشق الأكثر تجاوبا مع التجربة بدليل افتتاح ٢١ سوقا شعبيا في مختلف الوحدات الإدارية من اصل ٢٦ سوقا سيتم إطلاقها قريبا حسب ما أكد رئيس مجلس محافظة ريف دمشق صالح بكرو الذي أشار أن نتائج التجربة حتى اللحظة مقبولة ومنطقية من خلال طرح المنتجات الزراعية والغذائية والسلع الأساسية بأسعار أقل من الأسواق العادية وذلك حصيلة تعاون مثمر بين الوحدات الإدارية وجهات أخرى على رأسها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ،حيث تم اعتماد آلية للرقابة على الأسعار من خلال لجان رقابية تم تشكيلها خصيصا لهذا الغرض استطاعت الحفاظ على أسعار مخفضة مقارنة بالأسواق.
بكرو لفت أن استجابة محافظة ريف دمشق للتجربة كان الأفضل على مستوى محافظات القطر حيث ثمة اسواق تم تجهيزها إطلاقها خلال أيام معدودة في الوقت الذي مازالت أغلب الوحدات الإدارية في المحافظات المختلفة تتخذ اجراءاتها لإطلاق أسواق شعبية فيها بدأت بالعمر مؤخرا.
التجربة وحسب بكرو ربما لم تصل المرحلة المرجوة منها حتى اللحظة فردا على أن معظم الأسواق الشعبية في ريف دمشق لم تشتمل على مزارعين يعملون ببيع منتجاتهم إنما أغلب الباعة هم من فئة المتعيشين يستجرون بضائعهم من أسواق الهال بين أن هذا الامر متفاوت حسب المناطق فعلى سبيل المثال استطاعت الأسواق الشعبية في دوما وجسرين أن تضم مجموعة لا بأس فيها من الفلاحين الذين وجدوا في الأسواق الشعبية منفذا هاما في تصريف منتجاتهم بما يحقق ممارسة حقيقية لجوهر التجربة على خلاف الأسواق الشعبية في مناطق أخرى بالريف كجرمانا وضاحية حرستا على اعتبار انها لا تحتوي على أراض زراعية قريبة تتيح للفلاح الفرصة لممارسة جوهر التجربة ،الأمر الذي دفع بالجهات المعنية في محافظة ريف دمشق بالعمل على ضبط أسعار المنتجات المعروضة في الأسواق الشعبية لتبقى أقل من مثيلها في الأسواق العادية.
من جانبه أكد المهندس محمد مضاوية عضو مكتب التنفيذي لمحافظة ريف دمشق والمسؤول عن الأسواق الشعبية أنه يجري حاليا تقييم شامل للتجربة ليتم العمل مستقبلا على تجاوز الملاحظات والعقبات التي ظهرت على أرض الواقع وبما يضمن مشاركة حقيقية للفلاح لافتا أنه من غير السهل ضمان هذا الأمر خاصة وأن أغلب الفلاحين غير معتادين على مهنة البيع المباشر في الأسواق مفضلين التعامل مع تجار الهال لاختصار الوقت واستغلال الوقت في العمل في الأرض، ناهيك أن اغلب الفلاحين ليس لهم دراية بعمليات البيع المباشر في الأسواق.
وأكد أن اغلب رؤساء مجالس المدن في ريف دمشق استطاعوا تأمين أغلب المنتجات الزراعية المعروضة في الأسواق الشعبية من الفلاحين مباشرة وقد اصبح لهم باع في هذا الأمر فحاليا يتم تأمين المنتجات من مصادرها المختلفة في المحافظات مع تأمين جزء منها من أسواق الهال القريبة لضمان تأمين تشكيلة واسعة من المنتجات لإرضاء رغبات المستهلكين قدر الإمكان مع التأكيد أن الأسعار أقل من مثيلها في الأسواق العادية بالنسبة لنفس المنتجات.
من المبكر تقييم تجربة الأسواق الشعبية حاليا خاصة انها مازالت في البدايات حيث تم البحث عن أماكن الأسواق قبل البحث عن الفلاح الذي سيعمل بها وهو أمر مبرر نظرا لحرص المعنيين على اختصار الوقت وإطلاق التجربة سريعا وربما ستحمل الأيام القادمة المزيد من النتائج الإيجابية المنتظرة بما يعزز تنفيذ جوهر التجربة بما يلبي مصالح المستهلكين الذين اضنتهم حلقات الوساطة التجارية غير المبررة.