لا تخلو الحياة من المشاكل والصعوبات والتجارب القاسية التي تمر بها الشعوب، وكثيراً ما تتزاحم تلك الشدائد لتبدو معها إمكانية الاستمرار بالعيش مستحيلة، إلا أن الإرادة الواعية والتوظيف الأمثل للإمكانات والقدرات المتاحة يهيئ الفرصة للانتصار على مختلف العقبات ولقلب المعادلات، ويدفع باتجاه بدايات جديدة.
فرغم قساوة الظروف التي تمر بها البلاد من حصار جائر وعقوبات اقتصادية لخدمة أهداف استعمارية بحتة ترمي إلى مصادرة إرادتنا والنيل من ثباتنا وصمودنا، إلا أن الإمكانية لا تزال متوافرة لتفويت الفرصة على قوى العدوان من أن يمرروا مخططاتهم الخبيثة وأطماعهم ببلادنا.
وإن كان الهدف من حصارهم تجويع السوريين، فإن سورية التي أهدت للعالم أول سنبلة قمح لن تجد من يحاصرها بلقمة عيشها، إن استطاع أبناؤها تكريس قدراتهم وطاقاتهم في هذا الاتجاه والالتفات إلى زراعة كل ما يمكن زراعته لتأمين الغذاء، فالأرض لا تخذل من يعتني بها ويعطيها.
وباقي احتياجاتنا يمكن إنتاجها بأياد سورية وبمعامل وإمكانات محلية كانت على مدى سنوات أثبتت فاعليتها وجدواها وأفضليتها على كل ما هو مستورد.
ويبقى على السوريين أن يتنبهوا لخطورة ما يتبرص بنا من عدوان، تخطت حدوده كل التوقعات، ليكونوا يداً واحدة في المواجهة، فلا حصانة لأحد مادام الوطن بكامله هو المستهدف، ومن غير الطبيعي والأمر كذلك، أن يستمر البعض في ممارساته اللامسؤولة والتضييق على أبناء بلدهم واستغلال ظروف الحصار والحرب.
إن المسؤولية جماعية، وتتوزع على كل أفرد المجتمع بلا استثناء كبيراً وصغيراً، وباب العطاء مفتوح اليوم كُلٌّ بقدر استطاعته وإمكاناته وظروفه، لبناء سد منيع في وجه كل ما يحيق بنا من أخطار.
حديث الناس – محمود ديبو