مخاوف عديدة أطلقها فلاحون بعد أن تعذر حصولهم على السماد من المصرف الزراعي، في وقت بدأ فيه موسم تسميد الأراضي وهو الوقت المناسب لرش السماد، فبعد هذه الفترة لا يعود للسماد أي مفعول يذكر أو نفع للمزروعات.
ولعل هذه المخاوف مردها أن يضطر هؤلاء لشراء احتياجاتهم من السوق السوداء من مادتي النترات واليوريا، حيث تتوفر هناك بكميات جيدة، فيما حصصهم من المصرف الزراعي لم تصلهم حتى الآن، وهذا بالطبع سيرتب عليهم أعباء مادية كبيرة بالنظر إلى الفارق الكبير في الأسعار ما بين سعر السوق السوداء والسعر النظامي المعلن عنه في المصرف الزراعي.
وبهذا تكون خسارة الفلاحين مضاعفة فمن جهة سيتضرر الموسم الزراعي لعدم تقديم السماد بالوقت المناسب، ومن جهة ثانية سيكون هؤلاء الفلاحين مضطرين للجوء إلى السوق السوداء وبالتالي خسارة جديدة نتيجة فروقات الأسعار.
إن أكثر ما يجب المراهنة عليه هذه الفترة في ظل التغيرات الجديدة وما خلفته الحرب العدوانية على سورية، هو الاهتمام بالقطاع الزراعي وزيادة الانتباه إلى حساسيته في ظل الحديث عن أزمة غذاء عالمية قد يكون العالم مقدماً عليها نتيجة للأزمات المتلاحقة التي تشهدها المنطقة والعالم.
فقد لا يكون مهماً أن تنشغل الجهات المعينة ببحث كيفية استيراد سلعة أو منتج أو تجهيزات معينة، فيما القطاع الزراعي بحاجة ماسة لمن يلقي بالاً له ويستمع إلى مشكلات الفلاحين والمنتجين الذين يشكلون اليوم خط الدفاع الأول تجاه ما قد يحصل من أزمة غذاء عالمية، فتأمين الاحتياجات المحلية من الغذاء يأتي اليوم في الدرجة الأولى ولا بد من إعطائه الأولوية الكاملة في وقت بدأت أحاديث تشير إلى نقص في كميات التوريدات العالمية من القمح والغذاء..
فمع توافر الأراضي الخصبة والمعطاءة واليد العاملة الخبيرة بالقطاع الزراعي بمختلف مجالاته نكون أمام فرصة ثمينة في توفير مستلزمات الإنتاج الزراعي وفتح باب الدعم كاملاً بحيث لا تقف بعض المشكلات حجر عثرة في وجهه، لنكون أمام غلال وفيرة وإنتاج يغطي احتياجاتنا المحلية وقد يفيض عن الحاجة ويمكن تخزينه لسنوات قادمة.
اليوم الظروف والمعطيات لا تحتمل المزيد من التفكير والدراسة والبحث عن آليات عمل، لا بد من مبادرات حقيقية باتجاه الزراعة تقلب المعادلة الحالية وتعيد التألق لهذا القطاع، الذي لطالما يحمل الكثير من المتاعب دون أن يتم التوصل إلى حلول جذرية نافعة بخصوص الكثير من مشكلاته.
حديث الناس -محمود ديبو