مرة جديدة تعود قضية توطين الخبز لتشهد جدلاً واسعاً بعد أن أعلن المعنيون في وزارة التجارة الداخلية عزمهم (إنجاز) هذا المشروع واستكماله خلال الفترة القادمة، بحيث يصبح خبز المواطن (موطناً) لدى معتمد محدد لا يبارحه وهو مسؤول عن إيصال الخبز له يومياً وبحسب عدد الربطات المستحقة.
فمن حيث الشكل نجد أن هذا الإجراء فيه توفير الكثير من الوقت والجهد والمال والعناء الذي لا يزال يتكبده الكثير من المواطنين عند الأفران والمخابز العامة والخاصة للحصول على خبز يومهم، وبمجرد تحديد معتمد مخصص فإن هذه المسألة ستكون حلاً نموذجياً لكل تلك المتاعب.
لكن الأسئلة التي تؤرق المواطنين حالياً حول هذه الآلية فيها الكثير من المنطقية والموضوعية، فمن جهة كيف لمواطن أن يحصل على مخصصاته اليومية من الخبز في حال أن المعتمد الذي وطن عنده لم يتمكن من تأمين الخبز للمواطنين لسبب أو لآخر، هل فَكّر القائمون على فكرة التوطين بأن مثل هذا الأمر سيحصل؟ إذاً هل يبقى المواطن بلا خبز لمجرد أن (مشروع التوطين) لا يسمح له بالحصول على الخبز إلا من معتمد محدد..؟؟ مع العلم أن مخصصات الفرد اليومية من الخبز بالكاد تكفيه ليوم واحد فكيف إذا ما حدث يوم ولم يتمكن من الحصول على مخصصاته هل يبقى بلا خبز حتى يعود المعتمد من سفره أو يشفى من مرضه أو …؟؟؟؟
ناهيك عن أن مثل هذا المشروع المزمع تنفيذه بعزم وإقدام من وزارة التجارة الداخلية و(حماية المستهلك) سيؤدي بالآلية الحالية إلى إرباكات كثيرة وخاصة للمواطنين الذين ينتقلون ولديهم سفر خلال أشهر السنة من محافظة إلى أخرى لأسباب مختلفة، فكيف إذاً لمثل هؤلاء أن يحصلوا على خبزهم بعد ذلك؟
وهناك الكثير من الحالات التي يمكن سردها وطرح استفسارات حولها ترتبط بشكل مباشر بعملية التوطين هذه والتي على ما يبدو تحظى بقناعة كاملة ومطلقة لدى المعنيين بوزارة (التموين)..!!
ويبقى عدد من الأسئلة التي لم تجد لها إجابات حتى الآن، فهل بمثل هذا الإجراء سيتم القضاء على سوق الخبز السوداء التي نراها تنشط يوماً بعد يوم رغم كل الخطوات والإجراءات والتعديلات والأفكار التي تم تجريبها خلال الفترة الماضية بموضوع ضبط توزيع وبيع الخبز؟؟
وهل فعلاً هذا الإجراء سيوفر الهدر الكبير في الأفران وسينعكس على جودة الرغيف خاصة وأن شكوى المواطنين تتركز حول تراجع جودة الرغيف في الكثير من الأفران والمخابز وخاصة في مدن ومناطق قد تكون بعيدة عن أعين المراقبين؟؟
على الملأ -بقلم أمين التحرير محمود ديبو