ثورة أون لاين- فاتن عادله:
أقوال مزيفة وتحليل أعوج ومخاوف مزعومة تسبق الانتخابات الأميركية المقبلة، فالجمهوريون يريدون التمسك بكرسي الرئاسة في البيت الأبيض الذي يسيطرون عليه، ولا رغبة لهم في إحداث أي خروقات من قبل الحزب الديمقراطي قد تخرجهم من على هذا الكرسي، ليجدوا حججاً وتبريرات ويطلقون مزاعم وتحذيرات هم أنفسهم استخدموها في الانتخابات السابقة.
والآن مع دخول حلبة الصراع الرئاسية في مرحلتها ما قبل الأخيرة يتكاتف الجمهوريون مع رئيسهم العنصري دونالد ترامب اللاهث للبقاء في السلطة لفترة أخرى ولكن يبدو أنهم أيضاً وضعوا كفة الخسارة أمامهم مع كم الفوضى الذي يعصف بأميركا والاستياء من سوء السياسة “الترامبية”، فبدأ مساندو ترامب بالحديث عن آلية الانتخاب الإلكترونية وإثارة المخاوف منقلبين على ذات الأداة التي استخدموها، ليكون وزير العدل الأميركي وليام بار أول المنقلبين الأحد الماضي على الاقتراع عبر البريد في الانتخابات الأميركية، وفيما يراه أنه يمكن أن “يفتح الأبواب على مصاريعها أمام احتمالات التزوير” على حد تصريحه لشبكة فوكس نيوز الإخبارية، في موقف يكشف أولاً الخوف من الخسارة والتحضير لها، وثانياً يفضح أوراق الجمهوريين وازدواجية تعاملهم مع طريقة الانتخابات، ليصب موقف بار هذا في موقف يكرره ترامب الذي يواصل تحذير الولايات الأميركية من مخاطر هذه الممارسة في الاستحقاق الرئاسي المقبل من دون تقديم أي أدلة.
وهو ما يبدو أيضاً بعد أن قال للشبكة الإخبارية الأميركية”: إنه في توقيت تشهد فيه البلاد “انقساما حادا”، تضمن الانتخابات انتقالا سلميا للسلطة، لكنه قال إن الاقتراع عبر البريد “يفتح الأبواب على مصاريعها أمام احتمالات التزوير”، ويقوّض ثقة الشعب بنزاهة نتائج الانتخابات، متذرعاً بإمكانية سرقة بطاقات الاقتراع من العلب البريدية، وإن قوة خارجية قد تعمد إلى طباعة “عشرات آلاف بطاقات الاقتراع المزورة” للتلاعب بالنتائج.
هذا التحذير قابله رد خبراء في شؤون الانتخابات شككوا في إمكان حصول هذا التزوير، باعتبار أن ولايات ومناطق عدة تعتمد آلية الاقتراع عبر البريد منذ سنوات، وبقيت المشاكل التي واجهتها محدودة، وهي الآلية التي اعتمدها الرعايا المغتربين والجنود الأميركيين المنتشرين خارج البلاد من دون تسجيل أي عمليات تزوير تذكر.
هذا الاستباق والتمهيد لنتائج الانتخابات يبدو فيه أن ترامب وفريقه يحاولون اللعب فيه، وهو ما يأتي عبر تكّهنات تبين أن الاقتراع عبر البريد قد يعطي أفضلية للحزب الديمقراطي إذ إن بعضا من ناخبيه الأقل مدخولاً قد يفضّلونه على التوجّه لمراكز الاقتراع مقارنة بالجمهوريين الأكثر غنى، رغم أن الاقتراع عبر البريد يعد رائجا منذ وقت طويل.
انتقادات ترامب الحادة لهذه الآلية كانت فاقمت الجدل المحيط بها، بعد تغريدة أطلقها الشهر الماضي جاء فيها أن “الاقتراع عبر البريد سيؤدي إلى تزوير كبير وإساءة استخدام. كما سيؤدي إلى نهاية حزبنا الجمهوري “، وهو ما استدعى القائمون على منصة تويتر الشهر الماضي لتحذير القراء مما نشره ترامب، ما أدى إلى بث شبكة “سي ان ان” تقريرا يعتبر أن مزاعم الرئيس لا أساس لها.
التشكيك بالآلية دفع معارضين ديمقراطيين لاعتبار أن ترامب يجهّز الأرضية لاحتمال خسارته الانتخابات الرئاسية في مواجهة الديمقراطي جو بايدن الذي يتصّدر حاليا استطلاعات الرأي.
يذكر أن ترامب نفسه اعتمد التصويت البريدي في انتخابات منتصف الولاية في العام 2018م، بعد نقل قيده الانتخابي من نيويورك إلى فلوريدا.