ثورة أون لاين – سامر البوظة:
منذ وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى السلطة والعلاقات بين الولايات المتحدة وأوروبا بدأت تتجه نحو المزيد من التدهور والسبب كما هو معلوم السياسات التي ينتهجها ترامب والتي تحكمها عقلية التاجر الذي لا يستطيع التخلي عنها حتى مع أقرب حلفائه.
فأجواء حرب تجارية كبرى تلوح في الأفق بين الطرفين مع تصاعد حدة التصريحات بينهما، مع عزم إدارة ترامب فرض رسوم عقابية على منتجات أوروبية بقيمة 3.1مليار دولار من المملكة المتحدة وفرنسا وإسبانيا وألمانيا، في ظل الخلاف بين شركاء التجارة حول مصنعي الطائرات،كما ورد في وثيقة رسمية نشرها مكتب الممثل الأميركي للتجارة .
حرب الرسوم هذه أغضبت المسؤولين الأوروبيين بشكل كبير خاصة وأن الاقتصاد الأوروبي يمر في حالة ركود وأزمة لا يحسد عليها ،وهو ما استدعى المفوضية الأوروبية للتعبير عن قلقها حيال هذا التهديد الأميركي بفرض ضرائب عقابية على بعض السلع الأوروبية في إطار ملف المساعدات المالية لمجموعتي إيرباص الأوروبية وبوينغ الأميركية.
وبحسب ما نقلت “فرانس برس” عن متحدث باسم المفوضية الأوروبية فإن هذا التهديد يخلق غموضا بالنسبة للشركات ويتسبب بأضرار اقتصادية لا داعي لها لجانبي الأطلسي في وقت تحاول فيه الشركات تجاوز الصعوبات الاقتصادية التي تلت أزمة كوفيد19.
كما تثير تلك التهديدات مخاوف الأوروبيين من أن تذهب الضرائب الجديدة إلى أبعد مما تسمح به منظمة التجارة العالمية، فأولوية الاتحاد الأوروبي تبقى التوصل إلى حل متوازن وتم التفاوض بشأنه.
وكانت منظمة التجارة العالمية سمحت بفرض هذه الضرائب العقابية التي قد تصل نسبتها إلى 100 بالمئة على بضائع مستوردة من الاتحاد الأوروبي بقيمة 7.5مليارات دولار في إطار ملف الدعم المالي الشائك لمجموعتي إيرباص الأوروبية وبوينغ الأميركية، فيما تدرس المنظمة أيضا منح الاتحاد الأوروبي حقوقا مماثلة لفرض رسوم إثر الدعم الذي حصلت عليه بوينغ واعتبرته غير مشروع.
الخلافات بين واشنطن والاتحاد الأوروبي ولهجة التصعيد المتبادلة كلها مؤشرات تشي بالسير السريع نحو صراع تجاري بينهما سيكون الخاسر الأكبر منه الطرفين معا على حد سواء.
الجبهة الجديدة التي فتحها ترامب في مواجهة الاتحاد الأوروبي ستدفع بالعلاقات بين الطرفين نحو مزيد من التدهور، كما أنها في نفس الوقت تدق ناقوس الخطر في القارة العجوز بسبب التناقض في المصالح والانقسام في المواقف وهو مايهدد وحدة الاتحاد وينذر بتفككه وهو حقيقة ما يسعى إليه ترامب،وهي سياسة باتت معروفة عن ترامب وهو من يستثمر في الخلافات. وفي ظل تلك الأجواء، وإذا استمرت الأمور على ما هو عليه فإن التوصل إلى اتفاق بين أميركا وأوروبا، إذا كانا لا يريدان قطيعة وحربا تجارية على غرار الحرب الدائرة بين الولايات المتحدة والصين، سيكون صعبا للغاية.
الأمور يبدو أنها آخذة بالتصاعد والخلافات مستمرة ولا يوجد أفق للحل وفق المعطيات الراهنة في ظل استمرار الإدارة الأميركية على نهجها، فالأوروبيون يعلمون تماما أن تدهور العلاقات مع الجانب الأميركي أو تدهورها مرتبطة بشكل رئيسي بترامب شخصيا، وإذا ما بقي على تعنته يمكن افتراض أن العلاقات بينهما ستستمر في التدهور بسرعة أكبر .