ثورة أون لاين – فاتن عادلة:
هل بات الفلسطينيون اليوم على موعد جديد مع نكبة أخرى، لا تختلف عن سابقاتها من نكبات، إلا بأنها تأتي في زمن يكاد يكون فيه هوان البعض الأعرابي ولهاثه نحو التطبيع مع العدو الصهيوني، ورضوخه لإملاءات نظام الإرهاب الأمريكي هو عنوان هذه المرحلة الحساسة.
جديد ما في جعبة العدوان الإسرائيلي اليوم هو محاولة ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية وغور الأردن، تشمل 32% من مساحة الضفة الغربية (ما يعادل 1812 كيلومترا مربعا)، فيما سينتج عن الضم وضع 400 ألف فلسطيني يعيشون في 161 تجمعًا فلسطينيًا، في معازل، كما سيتم انتزاع الأراضي من مالكيها الشرعيين ومنعهم من فلاحتها بكل الطرق، حتى لو كان ذلك بالاستئجار، الأمر الذي لا يمكن تفسيره إلا أنه محاولة إسرائيلية أخرى لتهجير الشعب الفلسطيني ودفعه إلى اللجوء والترانسفير من جديد وبالتالي الإجهاز على القضية الفلسطينية وتصفيتها ونسفها من جذورها.
ولكن الفلسطينيين لم ولن يقفوا مكتوفي الأيدي حكومة وشعباً وقوى مقاومة ومنظمات أهلية وشعبية، بل إنهم جميعاً دعوا إلى التكاتف والتعاضد في هذه المرحلة بوجه المحتل الإسرائيلي الغاشم، ولن تكون عبارات الإدانة والاستنكار هي سلاحهم الأوحد في معركتهم هذه، وإنما قد تتطور الأمور الميدانية إلى انتفاضة جديدة، ترد كيد المحتل وشروره إلى نحره، ليحرق أصابعه وكيانه الواهن بما افتعله بنفسه من نيران مدمرة.
الشعب الفلسطيني بكل أطيافه وانتماءاته عبر عن موقفه الرافض لخطوة الضم، وأكد حقه المشروع في مواجهة هذه الخطوة بكل الوسائل المشروعة، حيث جدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس إدانته مخططات الاحتلال وقال: إن ضم أي شبر من الأرض الفلسطينية المحتلة مرفوض وباطل ..ونرفض ما تسمى (صفقة القرن) وجميع المخططات الأمريكية الإسرائيلية الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية، مشددا على أنه لا بديل عن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 وعاصمتها القدس.
أما وزير الخارجية رياض المالكي فقد بعث رسائل إلى عدد من نظرائه، بمن فيهم دول الاتحاد الأوروبي، والدول الأعضاء في مجلس الأمن، لحشد مواقف الدول في مواجهة وردع المخططات الإسرائيلية لفرض مزيد من الضم للأرض الفلسطينية المحتلة، فيما دعا رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتيه الشركاء الدوليين إلى وضع حد لإسرائيل ومنعها من تنفيذ مخططات الضم، من خلال وضع الثقل الدولي الاقتصادي خلف الموقف السياسي الرافض لخطوات سلطات الاحتلال.
وحول ذات الموضوع، قال المتحدث باسم حركة فتح، حسين حمايل، إنه في حال إقدام إسرائيل على ضم أراض فلسطينية في الضفة والأغوار، فإنها ستكون بذلك قد قادت نفسها والمنطقة كاملة إلى دوامة من العنف لن تنتهي ببساطة، في ظل حالة الاحتقان والغليان الشعبي والرسمي الفلسطيني منذ الإعلان عن ما يسمى “صفقة القرن”، وأكد أن الشعب الفلسطيني سيواجه ما تقوم به “إسرائيل”، وقال: مخططاتها المتطرفة لن تمر، مطالبا في ذات الوقت دول العالم بأن تتصدى لكيان الاحتلال، بالدفاع عن القانون الدولي الذي عبثت به الإدارة الأمريكية الحالية.
بدورها دعت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إلى توجيه الطاقات والجهود في خندق مواجهة الاحتلال ومخططات التصفية، بما يؤدي إلى فتح ساحة اشتباك وانتفاضة شعبية عارمة على امتداد مناطق التماس ومواقع الاحتلال والمستوطنين، بينما دعت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين إلى الانطلاق نحو سياسة أكثر حيوية تتفاعل مع موجات التأييد الدولي للقضية، والحقوق الوطنية الفلسطينية، والدفع نحو تطويرها، بما يرتقي إلى المستوى المطلوب، واستثمارها في المواجهة الشاملة لمشروع الضم، وتطبيقاتها وسياسات سلطات الاحتلال وعزلها، ونزع الشرعية عنها.
كذلك دعا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس، المطران عطا الله حنا، إلى التصدي لكل محاولة هادفة للضغط على الفلسطينيين، وابتزازهم؛ للقبول بما يسمى “صفقة القرن”، وأكد أن الفلسطينيين يرفضون هذه الصفقة الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية، وهم ثابتون صامدون متشبثون بمواقفهم، ولن تتمكن أي قوة عاتية في هذا العالم من النيل من إرادتهم وثباتهم وتشبثهم بثوابتهم الوطنية.
هذا ومن المقرر أن تنطلق غدا الأربعاء في الأراضي الفلسطينية المحتلة و15 دولة حول العالم فعاليات أسبوع الغضب الشعبي رفضا لخطة الضم التي أعلن عنها رئيس حكومة الإرهاب والاستيطان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ووجهت شبكة صامدون نداءً للمشاركة الجماهيرية الحاشدة في المسيرات والمظاهرات والاعتصامات التي ستخرج في فعاليات أسبوع الغضب الذي سيبدأ في الأول من تموز.
وأعلنت الشبكة في بيان لها أن الفعاليات ستنطلق في رام الله وبيت لحم وغزة الساعة الخامسة مساء، ومسيرات أخرى في وادي عارة الساعة السابعة، كما ستستمر الفعاليات لمدة أسبوع فيما يقارب 80 مدينة في 15 دولة حول العالم من بينها فرنسا وكندا وبلجيكا.
وقالت الشبكة إن مشروع الضم يعتبر جزءا من عملية إخضاع كل فلسطين إلى كيان الاحتلال والاستعمار، لافتة إلى أنها فرصة حقيقية من المهم التقاطها لتغيير العلاقة مع الاحتلال ووقف الرهان على المفاوضات وعملية السلام والتطبيع، مؤكدة أن مشروع حل الدولتين سقط دون رجعة. بدوره دعا منسق “شبكة صامدون” في أوروبا محمد الخطيب، الشعب الفلسطيني بكافة أطيافه ليستعيد دوره في النضال والتحرير، حفاظا على الهوية الوطنية وتمسكا بالحقوق.
وتابع الخطيب : القضية ليست موضوع الضم فحسب، هي قضية استعمار صهيوني على أرض فلسطين، ما يؤكد فشل كل اتفاقيات السلام التي تسببت في مزيد من التضييق على الشعب الفلسطيني.
والجدير ذكره أن قطاع غزة، شهد الأحد الماضي، مؤتمرا وطنيا بمشاركة جميع الفصائل الفلسطينية وممثلين عن المجتمع المدني، للإجماع على ضرورة الشروع في المواجهة الشاملة مع الاحتلال، وإنهاء حالة الانقسام وإنجاز الوحدة، كونها المدخل الرئيس لصد كل المحاولات التي تستهدف القضية الفلسطينية