من المؤكد أن الحديث عن الوجع والبوح إلى الآخر يخفف من ألم الضيق، وخصوصا إذا كان يمس الحالة المعيشية، حيث يعاني أغلبنا من عجز في تأمين ضروريات الحياة وذلك بعد فرض عقوبات اقتصادية جائرة على بلدنا هدفها تكرار المحاولة لانهيار صمود الشعب السوري ونفاد صبره.
من هنا يجب الانتباه والحذر في أحاديثنا من التلفظ بمفردات الحقد والكراهية وتقاذف المسؤوليات وتبادل الاتهامات في ظروف معيشية صعبة فرضتها الحرب، وربما أيضا تقصير أو إهمال وكلنا مسؤول، هذه اللغة في التعبير عن همومنا وقلة حيلتنا تقرح الألم وتزيد الوجع ويكبر الهم الوطني.
بلغة الواقع والمنطق.. لنقلب صفحات التاريخ ونتذكر حرباً مازالت ذكرياتها حاضرة، من وجع الفقد، والهجر وافتقاد للأمان على حياتنا وحياة أولادنا من ألغام الحقد وشظايا الكره وسيارات مفخخة بأطنان غدر وخيانة.
لنعد إلى الأمس القريب، إلى حلم دونه الأحلام كلها، إلى حلم الأمان والاطمئنان الأسري والمجتمعي.
ربما النسيان ضرورة حياتية لمتابعة مشوار الحياة، ولكن يبقى التذكر حكمة وعبرة للتغلب على صعوباتها وتجاوز المحن، ولمن أتقن النسيان نقول: نحن شعب تقاسم رغيف الخبز.. نحن شعب كنا نلملم أشلاء ضحايانا من تفجير إرهاب دموي ونمضي إلى الحياة.. نحن شعب اعتدى الحاقدون الطامعون على ذكريات المكان والزمان للنيل من أحلامنا وطموحنا، وبدأنا من جديد ليقين نصر كان يخطه أبطال جيشنا السوري البطل وتحقق بدمائهم وأرواحهم، تلك الذكريات تمدنا بكثير من القوة اليوم للصمود أمام غلاء معيشي يهدد سعادة كثير من الأسر، وتشحن نفوسنا بمزيد من الصبر والتفاؤل بالنصر في معركة لقمة العيش، وهنا لابد من التذكير لمن يعنيه الأمر ولاسيما المسؤول عن ضبط من يمعن في وحشية هذا الغلاء، أن المواطن كان ومازال الحلقة الأقوى في أي معركة.. في السلم والحرب، ومن الصعب أن نتحدث عن أي إنجاز في المستقبل من دونه، ولعل الذكرى تنفع.
عين المجتمع- رويده سليمان

التالي