لا يؤكد الاتفاق الموقع بين ميليشيا (قسد) من جهة، والولايات المتحدة الأميركية من جهة أخرى لسرقة النفط السوري، حجم ومستوى الانغماس بالجريمة والتآمر بين الطرفين، بقدر ما بات يؤكد الأهداف والابعاد الحقيقية للمشروع الصهيو-أميركي الذي تتشاركه واشنطن وحلفائها وأدواتها ومرتزقتها، والذي يجهد لتدمير وتفتيت وإفشال وخنق الدولة السورية.
ما يحصل هو جزء لا يتجزأ من الحرب الإرهابية الأميركية المتواصلة على شعبنا العظيم، وإن كان ذلك بأقنعة وأشكال مختلفة بغية محاصرته وتجويعه ودفعه إلى القبول بالشروط والاملاءات الأميركية والصهيونية، إلا أن اللافت هو إصرار منظومة العدوان على تجاهل حقائق ودروس التاريخ التي أثبتت أن الرهان على المحتل، هو رهان خاطئ وخاسر وكارثي، لطالما أودى بأصحابه في مزابل وزوايا ومقابر التاريخ والذاكرة الأشد ظلمة وسواداً.
(قسد) تراهن على المحتل الأميركي والإسرائيلي من أجل تحقيق أوهامها الانفصالية التي غرستها واشنطن في أعماق بنيتها الوجودية كأداة طيعة ورخيصة لها، لكنها تصر في الوقت ذاته على تجاهل حقيقة أن الأميركي نفسه لم يقدر على تحقيق أي من طموحاته وأوهامه الاستعمارية في سورية، وهذه حقيقة كشفتها وعززتها سنوات الحرب الماضية التي لم تستطع فيها الولايات المتحدة وشركائها وأدواتها قلب الواقع أو تغيير أي من القواعد والمعادلات المرتسمة على الأرض برغم حجم الدمار والخراب والدماء الذي أحدثته وأراقته.
تبقى (قسد) مجرد أداة بيد الأميركي لتنفيذ طموحاته وأهدافه الاستعمارية، سوف يقوم بالتخلي عنها أو بالتضحية بها عندما تنتهي خدمات العمالة التي تؤديها، وهذه حقيقة باتت ساطعة جداً ويعرفها القاصي والداني، وتوثقها تجارب التاريخ حديثها و قديمها.. المفارقة أن الأخيرة تغمض عينيها وتدير ظهرها لها.
نافذة على حدث- فؤاد الوادي