لا يؤكد ” الحدث الأوكراني ” إصرار الولايات المتحدة على النفخ في نيران الحرب، بقدر ما بات يجسد حقيقة الاستراتيجية الأميركية التي تبنتها الأخيرة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي والتي تقوم وترتكز على إغراق العالم في الإرهاب والفوضى حتى يتسنى لها السيطرة والاحتلال وامتلاك مفاتيح العالم ونهب خيرات وثروات الشعوب.
كل ما فعلته واشنطن خلال العقود الماضية يندرج ضمن هذا السياق، سياق العبث بكلّ معادلات وقواعد المشهد الإقليمي والدولي وتحت عناوين وذرائع مختلفة وباستخدام شتى السبل والوسائل وعبر الكثير من الأدوات والمرتزقة والعملاء الذين أوهمتهم وخدعتهم ووعدتهم بتحقيق ما لا يمكن تحقيقه على الأرض، وهذا ما خلف وراءه الحروب والموت والدمار والانقسامات وعدم الاستقرار.
اميركا اليوم ليس في وارد خوض الحروب بشكل مباشر، بل هي تقوم بذلك عن طريق أدواتها وإرهابيها الذين دربتهم ونشرتهم في الأماكن الساخنة من أجل إعادة إنتاجهم واستخدامهم متى دعت الحاجة إلى ذلك، كما تفعل اليوم عندما تقوم بنقلهم من قواعدها غير الشرعية في سورية إلى أوكرانيا من أجل دعم النظام الأوكراني العميل لها، وتأزيم الأوضاع أكثر وعرقلة الجهود السياسية والإبقاء على مشهد الفوضى والحرب الذي من شأنه أن يستنزف الدولة الروسية بما يحاكي الطموحات والأهداف الأميركية باحتواء الدور الروسي الفاعل والمؤثر على الساحة الدولية، والضغط على موسكو وابتزازها في الكثير من الملفات والقضايا الإقليمية والعالمية.
كل ما تقوم به أميركا من تصعيد وتوتير وتسخين ودعم للإرهاب، لن يعيد عقارب الساعة إلى حيث كانت الأخيرة مهيمنة ومتفردة في القرار الدولي، فنظام الأحادية القطبية بات من الماضي الذي يستحيل الرجوع إليه تحت أي ظرف لأن الأثمان التي دفعت أكثر بكثير من التي سوف تدفع للحفاظ على النظام العالمي الجديد الذي بدأت ملامحه ترتسم في الأفق.
حدث وتعليق- فؤاد الوادي