قد تبدو مجرد فكرة لا أساس واقعي لها، ضمن هذا العالم المتغير بكلّ أوجهه، من الذي يفكر بتشكيلات ثقافية موازية؟
وهل بإمكان تلك التشكيلات إن وجدت أن يتبناها من بإمكانه فرضها بحيث تسير باتجاه أفقي…؟
أم أنها ستبقى مجرد حالات منفردة لشخصيات تجد شغفها الحقيقي في عالم ثقافي يوماً اثر آخر يغرق في تهميش غير مقصود، دون أن يدرك سواها حجم معاناتها وهي التي تعاكس التيار.
يبدو أحياناً أساس المشكلة .. أننا نعيش تكوينات حياة جديدة، لم يعد يناسبها مساحات ثقافية كبيرة، ليس لأنها لاتحتاجها .. بل لأن تركيبة مدننا العصرية تنزاح نحو تسارع اقتصادي، وتجاري لايعنيه كلّ التفاصيل الأخرى التي انتعشت في زمن مضى.
وكلّ من يهتم بعالم ثقافي كلما تمسك بتفاصيله أياً كانت نوعيتها، كأنه يقارع الصخر، لحظات كثيرة تراوده أفكاره كي يعلن الانسحاب، من عالم كلّ ماحوله يتعامل معه كأنه ذرّات غير مرئية.
تلك الذرات حين تحاول فرضها حتى لو بطرق إبداعية ، قد لاتصل إليها الأيدي لأنها تتلقف كلّ مايمكن أن يمدّها بالحياة، وقود وجودها المادي ،في هذا العالم اللاهث، بينما ماينعش الروح مايحرك الذهني، ما يحيلنا إلى فلسفة عميقة بنت فيما سبق حضارتنا..
اليوم كلّ ماحولنا يحيلنا إلى تلك القلائد الفولاذية، إلى قطع الحديد الصلب، إلى أبنية بقدر ماهي شامخة، إلا أنها نسيت كلّ اللغات التي يمكن أن تعطيها روحاً فريدة ودفئاً ليس بإمكان كلّ تحديثات العالم الرمادية أن تغنيك عنها !
رؤية- سعاد زاهر